الْمُتَسَاهِلُونَ فِي الدِّينِ فَعَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَيُؤَدِّبَ عَلَيْهِ مَنْ خَالَفَ إلَّا أَنْ يَبِيعَ شَائِعًا مِثْلَ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ الشَّيْءِ، أَوْ رُبْعَهُ، أَوْ عُشْرَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَأَمَّا الْعِلْمُ بِالْمِقْدَارِ فَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ، أَوْ النَّظَرِ إلَيْهِ فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ ثَوْبَهُ، وَهُمَا لَا يَدْرِيَانِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِزِنَةِ هَذِهِ الصَّنْجَةِ فَبَاطِلٌ إذَا لَمْ تَكُنْ الصَّنْجَةُ مَعْلُومَةً، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ مِنْ الْحِنْطَةِ، أَوْ بِعْتُك بِهَذِهِ الصُّرَّةَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، أَوْ بِهَذِهِ الْقِطْعَةِ مِنْ الذَّهَبِ، وَهُوَ يَرَاهَا صَحَّ الْبَيْعُ، وَكَانَ تَخْمِينُهُ بِالنَّظَرِ كَافِيًا فِي مَعْرِفَةِ الْمِقْدَارِ، وَأَمَّا الْعِلْمُ بِالْوَصْفِ فَيَحْصُلُ بِالرُّؤْيَةِ فِي الْأَعْيَانِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ إلَّا إذَا سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ مُنْذُ مُدَّةٍ لَا يَغْلِبُ التَّغَيُّرُ فِيهَا، وَالْوَصْفُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْعِيَانِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْأُنْمُوذَجِ، وَهِيَ الْعَيْنُ الَّتِي يَأْخُذُهَا الدَّلَّالُ، وَيَعْرِضُهَا عَلَى التُّجَّارِ فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا الْخِلَافُ مِثَالُ ذَلِكَ إذَا قَالَ: بِعْتُك مِائَةَ صَاعٍ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَأَشَارَ إلَى أُنْمُوذَجٍ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمَبِيعَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الْمَبِيعَ، وَلَمْ يَرْعَ شَرَائِطَ السَّلَمِ فَإِنْ جَرَتْ شَرَائِطُ السَّلَمِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا تَأَمَّلَ الْأُنْمُوذَجَ، وَضَبَطَ أَوْصَافَهُ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الصِّفَةِ، وَلَا يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ اللِّحَاظِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الِاعْتِمَادُ فِي السَّلَمِ عَلَى ذِكْرِ الْأَوْصَافِ لَا عَلَى مَعْرِفَةِ، أَوْصَافٍ لَمْ يَجُزْ ذِكْرُهَا، وَإِنْ عَيَّنَ نُظْرَانًا لَمْ يَدْخُلْ الْأُنْمُوذَجُ فِي الْمَبِيعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute