للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هنا ظهر هذا النوع من المقالات، بل كان ظهوره سابقا على "مقال التعليق" حيث يعتبر الأخير تطويرا له، وإضافة إليه ومن هنا يصح القول بأن التفسير والتعليق هما مقالان شقيقان يقف الأول منهما -مقال التفسير- عند حدود الشرح والتوضيح الموضوعي لجوانب الخبر الخافية على معظم القراء ولا يتجاوزها إلا قليلا، ولكنه شرح وإضافة تفوق جوانب الشرح والإضافة التي تصاحب مقال التعليق، كل ذلك بينما يختصر المقال الأخير -التعليق- جانب الشرح الإضافة ولكنه في الوقت نفسه يضيف إليها جانب الرأي بصفة أساسية، وما يتبعه أو يتطلبه من مناقشات وحوار، وهذا في الواقع هو الخلاف الأساسي الذي يكون أكثر وضوحا وبروزا من جوانب الخلاف الأخرى بين المقالين الشقيقين.

"ب"

وربما كان هذا هو السبب في أن أكثر المراجع العربية قد تجاهل هذا الفن من فنون المقال، أو هذا "النمط المقالي"، حيث تذوب الحدود أحيانا بينه وبين شقيقه المطور له، وإلى حد اختلاطهما ومن هنا أيضا فإن بعض الزملاء يعتبر التعليق تفسيرا والتفسير تعليقا، طالما أن نسبة الشرح إلى الرأي غير محددة تماما، وغير مقننة كما نفعل بالنسبة للعلوم الأخرى، وطالما أن الأهداف واحدة -إلا قليلا- وأن الإطار بل والمساحة نفسها تكاد تكون واحدة.

ولهؤلاء أقول: مهلا، فإن هناك الخلافات الأخرى العديدة، حتى وإن نبع بعضها أو تفرع عن الخلاف السابق نفسه: "التركيز على الشرح والتفسير أولا في مقال التفسير وإضافة الرأي في مقال التعليق"، ومن قال إن كل شقيق لا بد وأن يتشابه مع شقيقه في كل شيء؟ ومن قال إن اختلاف الألوان وامتزاجها يمنع -علميا- من ترشيحها وتحليلها وفصلها؟

أريد أن أقول إن هناك عدة فروق أخرى في الملامح والمعالم والصور والأساليب تجعل من كل منهما فنا قائما بذاته وله كيانه الخاص، ومن بينها مثلا:

- أن أهداف ووظائف مقال التعليق أكثر تطورا وشمولية وفائدة للقراء والمجتمع.

- أن الأثر الإذاعي والتليفزيوني أكثر وضوحا في مقال التعليق أيضا.

<<  <   >  >>