عند تناولنا للمقال الافتتاحي، قلنا إن فلسفته وإن طابعه وإن ظروف تحريره ونشره قد أدت إلى وجود عدد من الاتجاهات التحريرية من بينها الاتجاه الثاني بتعدد أشكاله وأساليبه، وكذا الاتجاه الثالث الذي يقوم عليه "الافتتاحيات البديلة"، وقد رفضنا هذا الاتجاه نحو اعتباره افتتاحية كاملة لمخالفته لهذه الفلسفة، التي نحرص على اتباعها وثبات التقاليد المرتبطة بها.
والآن نقول إن هذه النوعية من المقالات التي يكتبها رؤساء التحرير في معظم الأحوال وأعمها، بل في "أغلبيتها الساحقة"، هي التي يطلق عليها عن حق وصدق تعبير:"المقالات القائدة الموقعة".
- فهي قائدة؛ لأنها تقود أفكار وتدفع بهم إلى الفهم الكامل لما تتناوله، أو تقودهم نحو اتجاه فكري أو سياسي معين؛ ولأن كاتبها من قادة الفكر الصحفي في حدود الجريدة أو المجلة التي تنشر هذا المقال.
- وهي موقعة لأن اسم كاتبها -وهو هنا اسم رئيس التحرير- يتذيلها، وحيث لا توقع كما هو الحال بالنسبة للمقالات الافتتاحية رمزا أو نقطا أو باسم الصحيفة أو لا توقع على الإطلاق وإنما يشهد التوقيع بالاسم واللقب على طبيعتها الخاصة.
وإذن وعلى الرغم من أهمية هذه المقالات، والتي تكاد تلي أهمية المقالات الافتتاحية تماما، بل على الرغم من كوننا نرى أن بعضها يكون مقروءا أكثر من المقالات الافتتاحية نفسها بما يتوافر لها من عنوان حالي وساخن وجذاب، واسم رئيس التحرير وتصدر الصفحة الأولى وتفنن المخرج في إبرازها، كل ذلك إلى جانب حالية موضوعاتها وسخونتها وحيث تكون في أحيان كثيرة بداية إشارة لقضية هامة