- لاحظ: جدة الزاوية التي يتناول بها موضوعا طرق من قبل أكثر من مرة، العنوان الجذاب, المدخل السهل ولكنه من النوع المشوق لأمثال قراء هذا المقال, طريقة التناول، المزج بين عدة قوالب في مجال المقال الواحد وهي هنا قوالب الوصف والقصة والنقد, كيفية "إدارة الحوار الفني" خلال سطور المقال نفسه, المحافظة على سلامة اللغة العربية, طول المقال.
شبح اسمه الغزو الثقافي:
إنه لا يزورني إلا حينا طويلا بعد حين طويل، لكنه إذا فعل، بشرت نفسي بمحدث يستولي على لب سامعه بسحر حديثه، ومع ذلك فكثيرا ما يلوذ بصمت مفاجئ لا أدري له سببا، وذلك ما حدث في زيارته الأخيرة وهي أخيرة ولكنها وقعت منذ عامين أو نحو ذلك.
أنه في تلك الزيارة، جاء فاستوى على كرسيه بجواري، ولزم الصمت بعد تحية سريعة قصيرة هامسة، فأخذت من جانبي أحييه ثم أحييه، وأرحب به ثم أرحب به، فيكتفي بهزة رأسه ووضع كفه على صدره، مع ابتسامة مصنوعة، فبحثت في مخزون الدماغ عن أي شيء أقوله، لعلي أحرك فيه شهوة الإجابة، فتنحل عقدة لسانه، قلت: إنني يا أخي كثيرا ما أقع خلال قراءتي على عبارة هنا وعبارة هناك، فيها من الغرابة عن المألوف ما يصدم، ولكن فيها كذلك من الحق ما يوقظ، وعندئذ أنظر إلى العبارة مرقومة أمامي على صفحتها بمداد أسود, إلا أنها تتألق أمام بصري وكأنها تحولت إلى أحرف من نور، أو هكذا يخيل إلي ساعتها، ولعل ذلك الوهم العجيب في طبيعتي إزاء عبارات كهذه، هو الذي يعين ذاكرتي على الاحتفاظ بها، وكأنها احتفرت فيهما بمسمار من نار.