ولأن الإعلام بفنونه وأجناسه وأطره وأشكاله يتجدد باستمرار، ويتطور دائمًا ولا يبقى على حاله طويلًا، فقد جدت فنون عديدة، واستحدثت أنماط جديدة وأصبح هناك واقع إعلامي اتصالي عام، وصحفي خاص، وتحريري على وجه الدقة تبرز فيه فنون وأطر مختلفة عن تلك التي عرفتها وسائل النشر السابقة على معرفة الطباعة، أو تلك التي كانت معروفة منذ قرن أن نصف قرن من الزمان, تدفع إليها وتؤكدها الحاجة الصحفية المتزايدة إلى تقديم أكثر "عصرية"، وأكثر انسجامًا مع واقع "القارئ الجديد" ومع المرحلة الصحفية نفسها, ولا بأس هنا من أن يكون لوسائل الإعلام في مجموعها دورها المتنافس ثم المتكامل، والذي تتأثر فيه فنون إذاعية وتليفزيونية بأخرى صحفية والعكس صحيح أيضًا.
هكذا جاءت نشأة "مقال التعليق الصحفي" من خلال حاجة الصحيفة المتزايدة إلى تقديم ما هو أكثر من مجرد الخبر العادي، الذي يكون القارئ قد استمع إليه في إذاعة الأمس, وتكرر على أذنه في نشرة الصباح قبل أن تصل إلى يديه -بطريقة ما- صحيفته, وحتى إذا لم يكن قد استمع إليه أو شاهده في نشرة الأنباء المصورة، فإن دائرة الأخبار المسرعة وتزاحمها الكبير، وكثرة الأحداث وتلاحمها، وتشابكها وإلى حد الغموض أحيانًا، وإلى حد توجيه الأخبار وجهات معينة أو تصنيعها، أو "دس" ألوان الأخبار المغرضة والمريضة بين أعمدتها، كل ذلك جعل الحاجة ماسة في عالم اليوم اللاهث القلق المستغل المتصارع إلى استعانة المحرر الصحفي ببعض الأساليب الإذاعية والتليفزيونية -على طريق التكامل بين هذه الأجهزة- ومن بينها هذا النوع من المقالات الصحفية.
"ب"
ومعنى ذلك أن "مقال التعليق الصحفي" يحقق عدة وظائف هامة من وظائف