للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكر الكاتب وخواطره وحتى أحلامه أيضا، فتكون هذه كلها "راحة" له، وشعبا -بكسر الشين- يستظل بظله وفي مغانيه، وينسى فيه همومه ومطالبه الملحة، وعجزه عن تحقيقها, تماما كما يفعل مع تحقيق صحفي من تحقيقات الرحلات أو التحقيقات العامة المشوقة، أو مع قصة من قصص الخيال أو الخيال العلمي وهكذا.. وقد زاد من ذلك الإحساس ومن "هروب" القراء من مقالات السياسة والمشكلات وضجرهم بها، وضيقهم أيضا ومن ثم انصرافهم عنها إلى غيرها خاصة مقالات الأعمدة واليوميات أن كتاب السياسة والاقتصاد في العالم العربي عامة يواجهون ضغوطا شديدة, ومناخا غير مشجع وظروفا لا تمكنهم من النجاح، أو تقديم الحلول النافعة فعلا، فإن وجدوا، وإن قدموا فإنهم يصرخون في واد، أو ينفخون في "القربة المقطعة"١ أو يؤذنون في "مالطة" ومن هنا قل وجود الكاتب السياسي، بل وجد من يكتب في السياسة؛ لأنه عليه -بحكم وظيفته- أن يكتب.. ومن هنا أيضا هرب بعض هؤلاء إلى مثل هذه المقالات.. إلى حيث يجدون أنفسهم وذواتهم، ويجدهم القراء أيضا.

- ولكن ذلك كله، قد ألقى على كتاب مقالات الأعمدة واليوميات مسئولية مضاعفة، بل وألقى على كاهل الصحف والمجلات نفسها بمثل هذه المسئولية، بحثا عن المحرر النابه المثقف الموهوب صاحب القلم المتميز من بين أبنائها من الذين يمكنهم تحرير هذا النوع من أنواع المقالات -اليوميات- وعندما لم تجده بحثت عنه ضمن كبار الأدباء والمثقفين ومشاهير الفنانين ورجال الجامعات وقامت بـ"توظيفهم" ضمن أفراد أسرة تحريرها، أو رتبت ونظمت قيامهم بهذا العمل من خارج أسرتها..

وخذ عندك -مثلا- هذه الأسماء التي قامت بكتابة "يوميات الأخبار" في وقت من الأوقات:

"عباس محمود العقاد, توفيق الحكيم, د. طه حسين، سلامة موسى، محمد ذكي عبد القادر، د. سعيد عبده، إبراهيم المصري، أحمد بهاء الدين، كمل الشناوي ... إلخ".


١ وهو اسم الكتاب الذي أصدره معبرا عن هذا المعنى ضمن ما يعبر عنه من معان كثيرة الأستاذ "جلال الدين الحمامصي".

<<  <   >  >>