والاقتصادية والزراعية وغيرها، بنشرها ليس في حدود وأطر أبوابها وزواياها أو "صفحاتها المتخصصة" وإنما على الصفحة الأولى نفسها؟ وما معنى ذلك أيضا بالنسبة لهذه الأبواب؟ ثم ما معناه -في النهاية- بالنسبة للمادة المقالية المتنوعة، والمختلطة؟
بل إننا نرى -في هذا المجال- أنه إذا كانت لغة الصحافة عامة تمثل هذه المستويات أو الأنماط الأدبية والعلمية -معا- فإن أقربها إلى هذا التمثيل هي "لغة المقال الصحفي" على وجه التحديد ولكن كيف؟
ذلك لأنه من المستبعد تماما أن يقوم محرر "الخبر الصحفي" أو المادة الإخبارية بشكل عام، بدعمها وتذويقها وتلوينها وتصويرها بألوان الصور والأخيلة وأنواع المجاز والكناية والتشبيه والاستعارة ووصف الأحداث وصفا شاعريا أو رقيقا أو مدعما بضروب الشعر أو الخطب أو المأثورات.
ومن المستبعد أيضا أن يقدم الوقائع والتفاصيل في لغة جافة جامدة عقيمة تقوم على المصطلح وتستند إلى القانون والنظرية وتزخر بالمعادلات والتطبيقات وغيرها.
ومن المستبعد كذلك، أن يفعل الثاني، ما يمكن أن يفعله -على وجه الدقة- ذلك الذي يقوم بتلوين وتذويق وصباغة مادته, ولا ما يفعله الأول بالنسبة للمادة الإخبارية.
ولكن الأخير -كاتب المقال- يحاول أن يأخذ من كل ذلك بطرف، مما يفعله محرر "المادة الإخبارية" ومما يفعله "المحرر العلمي" مع أهمية المواءمة بين ذلك كله وبين "نوعية المقال الصحفي" الذي يكتبه, بمعنى أن بعض أنواع المقالات تقبل من هذه وتلك قدرا ضئيلا ولكنه ملموس، والبعض الآخر يقبل قدرا معقولا ويشعر به القراء تماما, ويقبلون عليه، والبعض الثالث يقبل قدرا مضاعفا من "الذوق الأدبي" و"النغمة العلمية" أو يجمع بينهما في إطار صحفي واحد، وفي نسيج لغوي صحفي معبر، اعترف به اللغويون أنفسهم، ولكن ليس بالقدر الذي يحول المقال كله إلى مقال أدبي أو علمي كامل, وإنما لمحرر هذا المقال وفي ضوء نوعية أو أخرى، أن يأخذ من العلم بنصيب ومن الأدب بنصيب أيضا.