أن هذه "الرسالة الإعلامية" أولا الموجهة من "فكر" محررها، وبقلمه إلى قراء الصحيفة أو المجلة, أقول من خلال ذلك كله نستطيع أن نضع أيدينا على أهم وأبرز خصائص "لغة المقال الصحفي" بشكل عام ودون تركيز على نوع أو آخر كما نلمح إلى مكوناتها وما يتصل بها من شواهد وصور عديدة.
١- أن لغة الكتابة هنا، هي العربية الفصحى "كقاعدة أساسية" وأن نسيجها هو النثر وأنه ينبغي على "كتاب المقالات" أن يحافظوا على ذلك تماما، على صفحات الجرائد والمجلات التي تصدر في مختلف الأقطار الغربية, وأن يواصلوا في ذلك دور الرعيل الأول من "الصحفيين الزعماء" الذين واجهوا أشد الأخطار حين أراد الاستعمار أن يزحزحها عن ميدان الفكر العربي الإسلامي الواحد كمخطط خبيث وبعيد المدى من أجل بذر بذور التفرقة، وتوجيه معاول الهدم نحو الدين الحنيف، والقضاء على التراث تحت دعوى كاذبة كان من بينها:"أن الحفاظ على اللهجة المحلية في الكتابة فيه ما فيه من الحفاظ على معالم الإقليمية التي تختلف من بلد لبلد, أن لكل تراثه وتاريخه المختلف, أن استخدام الفصحى قد حال بين العرب وبين العلوم الحديثة, وقلص من دور الإبداع والفكر المبتكر والمخترع عندهم, وأنها لغة صعبة في التعليم, وأنها تضيق من فرص انتشار الأدب العربي لقلة المتعلمين, وأن الكتابة تكون أكثر سهولة بلغة الحديث" أن لغة الصحافة عامة، والمقالات خاصة، يجب أن تنهض بهذا الدور نفسه، ولن يستطيع الكتاب ذلك إلا بمداومة الكتابة بهذه اللغة.
٢- إلا أنها ليست اللغة العربية "المتقعرة" أو التي يتسابق الكتاب في ظلالها إلى حشو مقالاتهم بالكلمات "العقيمة" أو الألفاظ الغريبة، أو الوحشية، والتي تجعل القارئ يهرب من المقال إلى مادة أخرى تكون كلماتها وألفاظها أكثر سهولة وجزالة وسلاسة, أو -على الأقل- تجعله يبحث من آن لآخر عن معنى لفظ أو أصل كلمة، في بطون المعاجم وطي صفحات كتب اللغة, وإنما هي العربية السهلة الواضحة القريبة من فهم "أغلبية" القراء التي تنساب كلماتها دون صعوبة يحسها القارئ، أو تعنيد يسشعره.
٣- تماما كما أنها العربية التي تثبت وأثبتت كل يوم أن في مقدورها، وأن باستطاعتها أن تجدد نفسها، وأن تستحيل إلى لغة "عصرية" فهي -فضلا عن عراقتها التي حفظت التراث الديني والثقافي، وعن كونها لغة القرآن الكريم الصالح لكل