للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- نعم، نعم، لقد دعانا الدكتور كرافت على فنجان شاي لنحدثه عن مصر وعن أخبار مصر, فهو عالم في المصريات كما تعرفين.

- بل نريده أن يحدثنا هو عن بلاده وعن المعجزة الأوروبية.

- نعم، صدقت.

وفي المساء كان الدكتور كرافت يمد يده ليصافحها في حرارة وهو يقول:

- أخيرا جاءت مصر إلينا، أخيرا أصافح أحفاد حتشبسوت وإخناتون يدا بيد، قال الرجل الريفي:

- لا أظن فقد اختلطت الأنساب كثيرا في بلادنا يا عزيزي الدكتور بقدر ما تعاقب عليها من فرس وروم ومقدونيين وهكسوس وعرب وإنجليز وفرنسيين، لا أظنك اليوم تجد حفيدا واحدا حقيقيا لحتشبسوت أو إخناتون، لن تجد هذا الحفيد إلا في مقابر تل العمارنة في تاوبت سرق كل ما فيه، ولم تبق إلا الجثة.

قال الرجل وهو يتنهد أسفا:

- صحيح هذا مؤسف، لم يبق لنا إلا تاريخ ومعابد وبرديات هيروغليفية ورشف الدكتور كرافت رشفة هادئة من فنجان الشاي.

- لو كنتما هنا أمس الأحد، لسعد أبواي بكما كثيرا، فهما مثلي يحبان مصر كثيرا ويتنسمان أخبارها.

قال الرجل الريفي:

- وأين هما يا ترى.

- هما عجوزان لطيفان, وهما في هذه السن التي يصعب فيها التفاهم والتواصل بينهما وبين باقي الأسرة وحتى بينهما وبين بعضهما، ولهذا انتهى بهما المطاف إلى دار للمسنين، لكل منهما غرفة منفصلة وكل منهما يقطع النهار في حل الكلمات المتقاطة وشرب النبيذ ومشاهدة إلى التليفزيون, وهذا شأن الكبار هنا حينما تتقدم بهم السن.

قال الرجل الريفي في استغراب:

- والصغار؟

- بعد السابعة عشرة يذهب كل واحد وشأنه, لي ثلاثة أخوة وأخت رابعة تفرقوا في القارات الخمس وتفرقت بهم المصائر, الأخ الأكبر تزوج من امرأة بوذية في كمبوديا والأصغر قطعت ساقه في حادث وهو يعمل بارمان في كلكتا والأخ الأوسط يشتغل

<<  <   >  >>