للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلاح، تربة خصبة تنمو فيها بذور الضعف والانهيار، كما برهنت التجارب الماضية هنا، في مناطق كثيرة.

من هنا نرفض أن تتواصل الخلافات داخل البيت الفلسطيني، أو أن تتحول إلى ظاهرة مرضية نعمل على إخفائها أو نستحي من الإفصاح عنها.

لقد عانى الفلسطينيون درجات متفاوتة من أعنف أشكال القهر والظلم على أيدي المحتلين الصهاينة، ومثل هذه المعاناة القاسية تمتد جذورها عميقا في أرضية التاريخ. ولهذا لم يعد من الجائز أن يضيف الفلسطيني مزيدا من تلك المعاناة وأن يعدم الوسيلة التي تجعله يتوقف عن فعل المزيد.

في الضفة الغربية وقطاع غزة لم تعد إسرائيل تخشى أن تنتهي أساليبها في القمع والإرهاب ضد سكان الأرض الأصليين إلى إدانة أو خسارة معنوية.

وفي إسرائيل أيضا، يكاد تعبير "المناطق المدارة" ينهار ويختفي أمام المد الاستيطاني الزاحف، وأمام "حق اليهود في العيش في يهودا والسامرة، التي هي كما قال بيغن، مهد تاريخنا، ولا يحق لأحد أن يحرمنا من هذا الحق، حيث إن تاريخنا المجيد هو من أهم ركائزنا "كذا" ... ".

بهذه العبارات الواضحة توجه مناحيم بيغن إلى مستوطنيه اليهود مذكرا بالأواصر التاريخية والتوراتية التي تبيح لهم حق ممارسة العنف والإرهاب وشتى صنوف القتل والتدمير ضد أصحاب الأرض الأصليين, الذين يوشكون أن يتحولوا إلى غرباء أو طارئين على أرضهم وأرض أجدادهم، نعم، لقد حرص بيغن على أن يخاطب عواطف المستوطنين الصهاينة، كي لا ينسوا سهوا، تلك الأواصر وتلك الحقوق المزعومة التي يحرصون على الانتصار لها بكل الأساليب والوسائل.

إن النقطة الأكثر أهمية في الصراعات الجانبية الدائرة في الساحة الفلسطينية، هي أنها لعبة دموية، تبعث على الأسى والحزن، وتثير شهية القوى المعادية على الاختراق وإثاره البلبلة وانعدام الوزن.

وأخشى ما نخشاه أن تتحول جهود المصالحة الفلسطينية إلى مباراة خارج إطار العقل والتعقل، بينما يتوالى سقوط الضحايا على أرض القضية ومن حسابها, وهو ما لا يمكن احتماله أو التهاون به.

<<  <   >  >>