للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخيّاط ونجّار ولبّان، وكذلك استعمال صيغة فاعل كحائك وشاعر أي: ذي شعر وفارس أي: ذي فرس وطاعم أي: ذي طعام. وقال سيبويه: إن الصيغتين في النسب موقوفتان على السماع، ولا يقاس عليهما شيء وإن كان قد كثر في كلامهم فلا يقال لصاحب البر: برّار ولا لصاحب الشعير: شعّار ولا لصاحب الدقيق: دقّاق ولا لصاحب الفاكهة: فكّاه. وقاس المبرد الصيغتين جميعا محتجا بأن ذلك في كلام العرب أكثر من أن يحصى أو يستقصى١. ومر بنا أنه جاء عن العرب كثيرا في النسبة إلى فَعِيل وفُعَيْل حذف الياء مثل: ثقيف وثقفي, وقريش وقرشي, وهذيل وهذلي، وعلى الرغم من كثرة ذلك قال سيبويه: إن هذا الصنيع لا يقاس عليه؛ إذ القياس في رأيه أن تثبت الياء في الصيغتين، فيقال: ثقيفي وهذيلي، وقاسه المرد لأنه هو الذي كثر عن العرب٢. والقياس في فَعيلة في النسب أن تحذف الياء، فيقال في النسبة إلى بني حنيفة: حنفي, وإلى بني ربيعة: ربعي. وقال سيبويه: إن حكم فَعولة في النسب حكم فَعِيلة، فتسقط الواو منها كما سقطت الياء في أختها، فيقال في بني شَنُوءة: شنئي، وخالفه المبرد، فقال: بل ينسب إليها على لفظها فيقال: شئوني؛ لأن الياء إنما حُذفت في فعيلة تخفيفا بسبب كثرة الياء والكسرات فيها إذا أُبقيت على لفظها، فقيل مثلا في حنيفة: حنيفي، وقال: مما يدل على ذلك دلالة واضحة أنهم نسبوا إلى علي: "علوي" فحذفوا ياء وقلبوا الثانية واوا خشية الثقل في النطق، وهو ما لا يوجد في فعولة وموزوناتها، ويوضح ذلك أيضا أن العرب حين نسبت إلى مثل نَمِر المكسور العين فتحوها فقالوا: نَمَري بفتح الميم، ولكنهم لما نسبوا إلى مثل سَمُرة بضم الميم أي: شجرة لم يغيروا حركة الحرف الثاني. وعلى نحو ما خالفت الكسرة الضمة في نمر وسمرة, كذلك ينبغي أن تخالف الواو في فعولة الياء في فعيلة، فلا تحذف؛ لفقدان علة الحذف، وهي استثقالهم اجتماع المتجانسات, أو بعبارة أخرى: الكسرات والياءات٣.

وفيما قدمنا ما يدل على أن المبرد لم يكن يقدم القياس على السماع، فالأساس


١ الهمع ٢/ ١٩٨.
٢ الهمع ٢/ ١٩٥.
٣ ابن يعيش ٥/ ١٤٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>