للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويضربْن بأنه لو لم يسكن لاجتمع أربعة متحركات، إذ الفعل والفاعل كالشيء الواحد. وفي الوقت نفسه علل لتحرك نون النسوة المتصلة بالفعل بأنها لو لم تحرك لاجتمع ساكنان، وكأن سكون ما قبلها سبب حركتها١. وعلل لبناء "الآن" على الفتح بمصاحبة أداة التعريف لها دائما، مع أنها في أخواتها من الظروف قد توجد, وقد لا توجد, أي: إنها لا تلزمها هذا اللزوم في "الآن" مما جعلها تبنى بسبب ذلك٢. وكان يجمع مثل: مقعنسس على قعاسس معتلا بأن السين أشبه بالحرف الأصلي في الكلمة لأنها من قعس؛ فلذلك كان ينبغي أن تظل, لا أن تحذف وتذكر الميم على نحو ما صنع سيبويه, إذ جمعها على مقاعس٣. وكان سيبويه يصغر إبراهيم وإسماعيل على: بُرَيْهيم وسميعيل، وصغرهما المبرد على أُبيريه وأسيميع؛ لأن الهمزة أصلية وليست زائدة؛ لأنها لا تزيد أولا إلا وبعدها أربعة أحرف، أما الميم فإنها تحذف لأنها آخر الكلمة، وآخر الكلمة يحذف كثيرا في الخماسي حين يصغَّر كتصغير سفرجل على سفيريج٤. وكان يعلل لوقف العرب على الكلمات ونقل حركتها إلى ما قبلها، إذ يقولون: قام عَمُرْ, بنقل حركة الراء إلى ميم عمرو السابقة لها, كما يقولون: مررت ببكر بكسر الكاف والوقوف على الراء، بأن ذلك للدلالة على الحركة المحذوفة في آخر الكلمة٥.

وكان يحتكم دائما إلى القياس ولكنه لم يكن يقدمه على السماع عن العرب، بحيث يرفض ما ورد على ألسنتهم أو قل على أكثر ألسنتهم، فقد كان يرد ما يخالف الكثرة الكثيرة الدائرة في أفواههم، ولكن حين لا توجد هذه الكثرة كان يفسح للقياس، وكذلك كان يفسح له حين يشيع استعمال بين العرب. وليس معنى ذلك أنه كان يقيس على الشاذ والنادر، إنما كان يقيس على ما سُمع كثيرا قائلا: "إذا جعلت النوادر والشواذ غرضك, واعتمدت عليها في مقاييسك كثرت زلاتك"٦. فمن ذلك أن العرب كثر على لسانهم استعمال صيغة فعَّال, مستغنين بها عن ياء النسب كخبَّاز وبزاز وقزاز وسقاء وبناء وزجاج وبقال


١ ابن مضاء ص٥٩.
٢ الإنصاف ص٢١٣.
٣ الهمع ٢/ ١٨١.
٤ الهمع ٢/ ١٩٢.
٥ الهمع ٢/ ٢٠٨.
٦ الأشباه والنظائر للسيوطي ٣/ ٤٩.

<<  <   >  >>