للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حينئذ بمعنى الآن١. وله آراء كثيرة انفرد بها ودارت في كتب النحاة، من ذلك أنه كان يرى -كما مر بنا في غير هذا الموضع- أن عامل الرفع في الفاعل هو الإسناد أي: إسناد الفعل له، وذهب إلى أن العامل في المفعول به هو الفاعل، فمثل: قرأت الكتاب, العامل في الكتاب النصب هو التاء. وزعم في مثل: "ظننت زيدا قائما" أن التاء نصبت زيدا، أما "قائما" فنصبها الظن٢. وكان يذهب إلى أن المعتل حين يُجمع جمع مؤنث سالما مثل عِدة وعِدات وثُبَة وثبات ينصب بالفتحة مستدلا على ذلك بحكايته عن العرب "سمعت لغاتَهم" بالنصب٣, وجاء عن العرب: "كلمته فاه إلى فيَّ" ومر بنا أن سيبويه كان يعرب كلمة "فاه إلى في" حالا على تقدير: مشافهة، وأعربها الأخفش منصوبة بتقدير "من" أي: على نزع الخافض، وأعربها الكوفيون مفعولا به على تقدير: "جاعلا فاه إلى في". وذهب الجمهور إلى أنه لا يقاس على هذا التركيب, فلا يقال: "كلمته وجهه إلى وجهي, ولا عينه إلى عيني", وذهب هشام إلى القياس عليه، فأجاز مثل: "ماشيته قدمه إلى قدمي، وجاوزته بيته إلى بيتي، وناضلته قوسه عن قوسي" ونحو ذلك٤. وكان يذهب مذهب قطرب في أن واو العطف تفيد الترتيب في مثل: قام زيد وعمرو٥. ومعروف أن الجمهور كان يعرب: "لا أبالك" على أن أبا اسم مضاف إلى الضمير المجرور باللام, واللام زائدة لا اعتداد بها, والخبر محذوف. وذهب هشام في إعرابها إلى أن الجار والمجرور صفة لأب والخبر محذوف٦. وكان يجيز أن يقال: "زيد وحده" لسماع ذلك عن العرب، وكان يعرب "وحده" على أنه منصوب انتصاب الظرف مثل عنده، وزعم في مثل "جاء زيد وحده" أن وحده ليست حالا كما ذهب سيبويه مؤولا لها بكلمة "منفردا", إنما هي منصوبة على الظرفية٧. وذهب إلى أن الفاء العاطفة قد تستعمل بمعنى إلى, مستدلا بقول امرئ القيس:


١ الرضي على الكافية ١/ ٣٨٣.
٢ الإنصاف: المسألة رقم١١, والهمع ١/ ١٦٥.
٣ الهمع ١/ ٢٢.
٤ الهمع ١/ ٢٣٧, والرضي على الكافية ١/ ١٨٦.
٥ المغني ص٣٩٢, والهمع ٢/ ١٢٩.
٦ الهمع ١/ ١٤٥.
٧ الهمع ١/ ٢٤٠.

<<  <   >  >>