للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجزوم الآخر لا مبنيا، فهو معرب إعراب أصله المقتطع منه١. وعلى ضوء ما هو معروف عند المعتزلة من أن المسلم الفاسق في منزلة وسطى بين المؤمن والكافر, ذهب إلى أن "كِلا" التي يضعها الخليل والبصريون في باب الأسماء ليست اسما ولا فعلا, بل هي في مرتبة متوسطة بينهما، واحتج لذلك بأنها لا تنفرد أي: إنه ليس لها مفرد، وأنها كالفعل الماضي المعتل الآخر المنقلبة ألفه عن ياء، إذا وليها اسم ظاهر لزمتها الألف، وإذا وليها ضمير قُلبت ياء فتقول: رأيت كلا الرجلين ورأيت كليهما، كما تقول: قضى الحق وقضيته٢.

وأكثر من التبديل والتغيير في المصطلحات النحوية التي وضعها الخليل وسيبويه، وأضاف إليها بعض المصطلحات الجديدة، ونحن نعرض ذلك عنده من كلامه ومن كتب النحاة، وأول ما نعرض اصطلاح التقريب ويريد به اسم الإشارة حين يليه الخبر وحال منصوبة في مثل: "هذا زيد شاعرا", و"هذا الأسد مخوفا", فإنه لم يكن يعرب الجملة على هذا النحو الذي ذكرناه، أو بعبارة أخرى: على نحو ما كان يعربها سيبويه، بل كان يجعل اسم الإشارة كأنه مشبه لكان إذ يليه -مثلها- مرفوع ومنصوب، ويقول: إن المنصوب ينصب بخلوه من العامل، كما نصب خبر كان، أي: لعدم وجود رافع له يرفعه٣، ولعل ذلك ما جعل بعض خالفيه من الكوفيين يجعل هذا من أخوات كان، وما وراءها اسمها وخبرها، أما "هذا" فيعرب تقريبا٤.

وما نتقدم في قراءة كتابه "معاني القرآن" كثيرا حتى نجده يتحدث عن مصطلح ثانٍ له وضعه, هو مصطلح الصرف, ويقصد به النصب في بابين هما: باب الفعل المضارع المنصوب بعد الواو والفاء وأو، وباب المفعول معه، إذ يصرف المضارع والمفعول معه عما قبله، فلا تكون الواو فيهما عاطفة، بل تكون واو صرف


١ الهمع ١/ ٩, وقد يعبر عن الجزم بالبناء لما ذكرناه عنده من قلب ألقاب الإعراب والبناء.
٢ طبقات النحويين واللغويين للزبيدي، ص١٤٥.
٣ معاني القرآن ١/ ١٢ وما بعدها.
٤ الهمع ١/ ١١٣.

<<  <   >  >>