للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهما عما قبلهما، ومثلها الفاء وأو، ويشرح ذلك مع الواو١ وأو, فيقول: الصرف "أن تأتي بالواو معطوفة على كلام في أوله حادثة, لا تستقيم إعادتها على ما عُطف عليها ... كقول الشاعر:

لا تنه عن خلق وتأتيَ مثله ... عار عليك إذا فعلتَ عظيم

ألا ترى أنه لا يجوز إعادة لا في "تأتي مثله"؛ فلذلك سمي صرفا, إذ كان معطوفا ولم يستقم أن يعاد فيه الحادث الذي قبله. ومثله من الأسماء التي نصبتها العرب وهي معطوفة على مرفوع قولهم: "لو تُركت والأسدَ لأكلك" و"لو خُلِّيتَ ورأيَك لضللتَ" ... والعرب تقول: "لستُ لأبي إن لم أقتلك, أو تذهبَ نفسي" ويقولون: "والله لأضربنَّك أو تسبقَنِّي في الأرض" فهذا مردود "معطوف" على أول الكلام ومعناه الصرف؛ لأنه لا يجوز على الثاني إعادة الجزم بلم, ولا إعادة اليمين على والله لتسبقني، وتجد ذلك إذا امتحنتَ الكلام"٢. ويقول في موضع ثانٍ: "الصرف: أن يجتمع الفعلان بالواو أو ثم أو الفاء أو أو, وفي أولهما جحد "نفي" أو استفهام, ثم ترى ذلك الجحد أو الاستفهام ممتنعا أن يُكر في العطف, فذلك الصرف"٣.

ونرى هذا الاصطلاح عند الفراء يقرن باصطلاح آخر ينسب إليه أيضا هو الخلاف، إذ يقول الرضي: إن الأفعال المضارعة تنصب بعد الواو والفاء وأو عند الفراء على الخلاف، ويشرح رأيه فيقول: "أي: إن المعطوف بها صار مخالفا للمعطوف عليه في المعنى، فخالفه في الإعراب كما انتصب الاسم الذي بعد الواو في المفعول معه لما خالف ما قبله، وإنما حصل التخالف ههنا بينهما؛ لأنه طرأ على الفاء معنى السببية وعلى الواو معنى الجمعية وعلى أو معنى النهاية والاستثناء"٤. ولعله كان يتداول الاصطلاحين في كتاباته، ومن هنا كنا


١ معروف أن الواو والفاء الناصبتين للمضارع لا تنصبانه إلا بعد نفي أو طلب، وتسميان عند البصريين واو المعية وفاء السببية، وأو لا تنصب المضارع إلا إذا كان معناها إلى أو إلا, وثلاثتها لا تنصبه عند البصريين مباشرة، وإنما تنصبه بأن مضمرة وجوبا.
٢ معاني القرآن ١/ ٣٤.
٣ معاني القرآن ٢/ ٢٣٥.
٤ الرضي على الكافية ٢/ ٢٢٤, وانظر ابن يعيش ٢/ ٤٩، والهمع ١/ ٢٢٠.

<<  <   >  >>