للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل أيضا من الجاهليين على نحو ما سنرى عند تلميذه عيسى بن عمر. ولم يؤثر عنه كتاب في النحو، وكأنه كان يكتفي بمحاضراته وإملاءاته على تلاميذه، وكل ما أثر عنه كتاب في الهمز كما أسلفنا، ويبدو أنه عالج فيه مسألة رسمها حين توصل وحين تقطع وحين تسهل وحين تدخل على همزة أخرى وحين تتصل بحروف العلة، مما يتصل بالدقة في كتابة الذكر الحكيم, إذ كان من القراء النابهين في موطنه.

عيسى ١ بن عمر الثقفي:

بصري من موالي آل خالد بن الوليد، نزل في ثقيف فنُسب إليها، وهو أهم تلاميذ ابن أبي إسحاق، وقد مضى على هديه يطرد القياس ويعمّمه، ومن أقيسته ما حكاه سيبويه عنه من أنه كان يقيس النصب في كلمة "يا مطرا" في قول الأحوص:

سلام الله يا مطرا عليها ... وليس عليك يا مطر السلام

على النصب في كلمة "يا رجلا" وكأنه يجعل مطرا في تنوينها ونصبها كالنكرة غير المقصودة٢. وكان مثل ابن أبي إسحاق يطعن على العرب الفصحاء إذا خالفوا القياس، وكان يصعد في هذا الطعن حتى العصر الجاهلي، من ذلك تخطئته النابغة في قوله:

فبت كأني ساورتني ضئيلة ... من الرقش في أنيابها السم ناقع٣

إذ جعل القافية مرفوعة، وحقها أن تنصب على الحال؛ لأن المبتدأ قبلها


١ انظر في ترجمة عيسى أبا الطيب اللغوي ص٢١, والزبيدي ص٣٥, والسيرافي ص٣١, والفهرست ص٦٨, ونزهة الألباء ص٢١, ومعجم الأدباء ١٦/ ١٤٦, وابن الجزري ١/ ٦١٣, وإنباه الرواة ٢/ ٣٧٤, ومرآة الجنان لليافعي ١/ ٣٠٧, وشذرات الذهب لابن العماد ١/ ٢٢٤, وبغية الوعاة ص٢٧٠.
٢ كتاب سيبويه ١/ ٣١٣, وانظر الموشح للمرزباني ص٤١.
٣ ساورتني: واثبتني. ضئيلة: دقيقة، ويريد أفعوانا. الرقش: الأفاعي التي تختلط في جلدها نقط سوداء وبيضاء. ناقع: قاتل.

<<  <   >  >>