للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدينة" وجوز الفارسي الرفع بعدها في جميع الأحوال بدون استثناء١. وذهب البصريون إلى أن الخبر إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا تعلق بفعل أو اسم فاعل محذوف هو الخبر، ومر بنا أن الكوفيين كانوا يرون أن الظرف في مثل: محمد عندك, منصوب بالخلاف، وذهب أبو علي الفارسي مستضيئا برأي ابن السراج الذي مر بنا إلى أن الجار والمجرور والظرف هما الخبر -وليس هناك عامل محذوف- معلقان به٢. وكان الجمهور يمنع العطف على محل المجرور في مثل: مررت بزيد وعمرو فلا يقال: عمرا بالنصب، وأجاز ذلك الفارسي٣. ومنع الجمهور إتباع فاعل نعم وبئس بالنعت مثل: لنعم الفتى المدعو للحرب علي، وأجازه الفارسي٤. وكان سيبويه يذهب إلى أن ما في مثل: غسلته غسلا نِعِمَّا معرفة بمعنى الشيء, فهي فاعل لنعم، وذهب الفارسي إلى أنها نكرة تامة بمعنى شيء وأنها تمييز لفاعل نعم المستتر٥، وكان يذهب إلى أن "مَنْ" أيضا في باب نعم نكرة تامة تمييز لفاعل نعم المستتر مثل: "نعم من هو في سر وإعلان" ولم يوافقه أحد من النحاة في هذا الرأي، إذ يجمعون على أنها موصولة فاعل لنعم٦. وذهب سيبويه والجمهور إلى أن أمّا في قول بعض الشعراء:

أبا خراشة أَمَّا أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع

مركبة من أن المصدرية وما المزيدة والأصل: لأن كنت، فحُذف الجار وكان للاختصار فانفصل الضمير لحذف ما يتصل به وزِيدت ما عوضا عن كان، وأدغمت النون في الميم للتقارب، وبذلك يكون المرفوع بعدها اسما لكان المحذوفة والمنصوب خبرها، وذهب أبو علي إلى أن ما الزائدة هي الرافعة الناصبة لكونها عوضا من الفعل فنابت منابه٧. ولم يثبت النحاة ما الزمانية وأثبتها أبو علي مستدلا بقوله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} أي: استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم٨. وكان سيبويه والجمهور يذهبون إلى أن الدار والمسجد في مثل: دخلت الدار والمسجد منصوبان على الظرفية، وهذب الأخفش -كما مر بنا- إلى أنهما


١ الهمع ٢/ ٩.
٢ الهمع ١/ ٩٩.
٣ الخصائص ٢/ ٣٥٣، والهمع ٢/ ١٤١.
٤ الهمع ٢/ ٨٥.
٥ المغني ص٣٢٨, والهمع ١/ ٢٥٠.
٦ المغني ص٤٨٨، والهمع ١/ ٩٢.
٧ المغني ص ٤٨٩، والهمع ١/ ١٢٢.
٨ المغني ص٣٣٥.

<<  <   >  >>