للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للإضراب مطلقا١. كما تابعهما في إعمال المصدر مضمرا في الظرف مثل: "قيامك أمسِ حسن، وهو اليوم قبيح" فأعمل هو العائد على القيام في اليوم٢. وتابع الكوفيين في أن {حَاشَ} في مثل: {حَاشَ لِلَّهِ} فعل، بينما ذهب الجمهور إلى أنها اسم مرادف للبراءة من كذا٣. وكان يتابع الكسائي وأستاذه أبا علي في أن خلا حين تتقدمها ما في مثل: قام القوم ما خلا زيدا ليس من الضروري أن تكون فعلا حتما، فقد يجوز الجر بها على تقدير ما زائدة٤. وتابع الكوفيين في جواز: "ضرب غلامُه محمدا" لمجيء ذلك في النظم كثيرا مثل:

جزى ربُّه عني عدي بن حاتم

وكان الجمهور يمنع ذلك لعود الضمير المتصل بالفاعل على متأخر لفظا ورتبة٥. وكان يقف مع الكوفيين في أن حذف خبر إنّ إنما يحسن إذا كان اسمها نكرة، يقول تعليقا على قول الأعشى:

إنَّ محلا وإن مرتحَلا ... وإن في السفر إذ مضى مهلا

أراد: إن لنا محلا وإن لنا مرتحلا، فحذف الخبر، والكوفيون لا يجيزون حذف خبر إن إلا إذا كان اسمها نكرة؛ ولهذا وجه حسن عندنا، وإن كان أصحابنا "البصريون" يجيزونه مع المعرفة٦. ومر بنا في ترجمة الفراء أنه كان يضعف قراءة ابن عامر: "وكذلك زُيِّن لكثير من المشركين قتلُ أولادَهم شركائهم" بالفصل بين المضاف وهو قتل, والمضاف إليه وهو شركائهم بالمفعول به, وأنه أنكر البيت الذي أنشده الأخفش دعما لذلك، وهو قول بعض الشعراء في وصف ناقته:

فزججتها بمزجة ... زجَّ القلوصَ أبي مزاده

وقد خالفه في ذلك جمهور الكوفيين مجوزين الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول به٧، وانتصر لهم ابن جني محتجا بقدرة الشاعر على أن يقول: زجَّ القلوصِ أبو مزاده، ويعلق على ذلك بقوله: "في هذا البيت عندي دليل على قوة إضافة المصدر إلى الفاعل عندهم, وأنه في نفوسهم أقوى من إضافته إلى


١ المغني ص٦٧.
٢ الخصائص ٢/ ١٩.
٣ المغني ص١٣٠.
٤ المغني ص١٤٢.
٥ الخصائص ١/ ٢٩٤, والهمع ١/ ٦٦.
٦ المحتسب ١/ ٣٤٩.
٧ الهمع ٢/ ٥٢.

<<  <   >  >>