للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالباء غير أنه ضُمِّن في الآية معنى الإفضاء؛ ولذلك يتعدى بإلى كما يتعدى بها الإفضاء، ومثل {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} أي: مع الله؛ لأنه في معنى من يضاف في نصرتي إلى الله، ومثل: {هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} وُضعت إلى موضع في؛ لأن ما قبلها في معنى: أدعوك وأرشدك١.

وابن جني يسند كلامه دائما بقراءات القرآن والسماع عن العرب، وقد يستشهد بالحديث النبوي، ولكن لا للاستنباط ووضع القواعد وإنما للائتناس٢. وكان مثل أستاذه يعنى بالقياس عناية شديدة حتى ليمكن أن يقال: إن كتابه الخصائص إنما هو مجموعة كبيرة من الأقيسة السديدة، وبلغ من عنايته بالقياس أن كان يقول: "إن مسألة واحدة من القياس أنبل وأنبه من كتاب لغة عند عيون الناس"٣. وقد عقد في جزئه الأول فصلا طويلا لبيان أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم وإن لم ينطقوا به. واتسع في ثنايا مصنفاته في صور التدريب على الأقيسة، ومن يرجع إلى كتابه المنصف في شرح تصريف المازني يجده يختمه بنحو ستين صحيفة في تمارين صرفية أبنيتها كلها من صنعه. ودائما يدعم آراءه وآراء سابقيه من النحاة بالحجج البينة والأدلة الناصعة، ووصف بعض أدلته بأنها كالأدلة الهندسية في الوضوح والبيان٤.


١ الخصائص ٢/ ٣٠٨ وما بعدها.
٢ الخصائص ١/ ٣٣.
٣ الخصائص ٢/ ٨٨.
٤ الخصائص ١/ ٦٠.

<<  <   >  >>