للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بألف مقصورة١. وذهب إلى أن "إذ" في مثل: "فبينما العسرُ إذ دارت مياسيرُ" زائدة، وكان سيبويه يذهب إلى أنها بعد بينا وبينما نفس إذ الفجائية، وقد اختلف النحاة فيها: هل هي حرف أو ظرف؟ ٢. ويظهر أنه كانت تنقصه الدقة، فقد تعقبه ابن هشام في عدة مواضع من كتابه المغني مغلطا له٣، ومثبتا عليه عدم التحري في نقل آراء الفارسي وسيبويه والأخفش والكسائي٤.

وأبو البركات٥ بن الأنباري بغدادي، ولد سنة ٥١٣ وتوفي سنة ٥٧٧ للهجرة، وهو تلميذ ابن الشجري، وبذلك يتصل نسبه النحوي بأبي علي الفارسي، ويظهر أنه كان يعكف على مصنفاته، ويدرسها لتلاميذه في المدرسة النظامية، إذ نجد بين مؤلفاته كتاب حواشي الإيضاح، وهو من أهم مصنفات الفارسي. وتوفر على دراسة وجوه الخلاف بين البصريين والكوفيين في مسائل النحو، وصنف في ذلك كتابين هما: الإنصاف الذي نشره فايل لأول مرة وكتابه أسرار العربية المنشور بدمشق، ولاحظ فايل أنه ينزع في أولهما نزعة بصرية واضحة، وهي نزعة استمدها من أبي علي الفارسي ومنهجه الذي وصفناه. وقد وقف مع البصريين في جمهور المسائل التي أحصاها، ورجح -كما لاحظ فايل- مذهب الكوفيين في سبع مسائل هي: العاشرة والثامنة عشرة والسادسة والعشرون والسبعون والسابعة والتسعون والواحدة والسادسة بعد المائة. وبذلك يصبح بغداديا على شاكلة أبي علي، فهو يجري في جمهور آرائه مع البصريين، ويفتح الأبواب لاختيار بعض آراء الكوفيين. وله في علم الجدل النحوي مصنف غير منشور، ومصنف آخر في أصول النحو سماه لُمَع الأدلة، منشور بدمشق، فصَّل القول فيه في النقل والقياس والعلة، ونُشر معه مصنف له باسم الإغراب في جدل الإعراب، وهو يدور على أسئلة في الإعراب وأجوبة مسندة بالأدلة, وكتابه نزهة الألباء في تراجم النحاة معروف.


١ المغني ص٣٠٠، ٧٧٩, والهمع ٢/ ٦٤.
٢ المغني ص٨٨.
٣ انظر المغني ص٤١، ٦٢، ٣٣٨.
٤ المغني ص١٨١، ٦٨٢.
٥ انظر في ترجمة أبي البركات بن الأنباري: إنباه الرواة ٢/ ١٦٩، وابن خلكان ١/ ٢٧٩, وطبقات الشافعية للسبكي ٤/ ٢٤٨, وشذرات الذهب ٤/ ٢٥٨, وبغية الوعاة ص٣٠١.

<<  <   >  >>