للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه مذهب الكوفيين أن إِنَّ وأخواتها لا تعمل في الخبر، بل هو باقٍ على رفعه قبل دخولها عليه، وكان يحتج لذلك بأنها أضعف من الأفعال فلا تعمل عملها١. وكأن يأخذ برأي الكوفيين والبغداديين جميعا في أن النكرة لا يجوز أن تبدل من المعرفة إلا إذا وُصفت مثل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} محتجا بأنها إن لم توصف لم تُفِد أي فائدة مثل: "مررت بزيد برجل"٢. ومن آرائه التي كان يتابع فيها سيبويه أن "أَنَّ" المفتوحة وما بعدها لا تؤول بمصدر وإنما تؤول بالحديث بخلاف أن الناصبة للمضارع فإنها تؤول معه بمصدر٣. وكان ينكر أن مفعولي ظن وأخواتها أصلهما مبتدأ وخبر٤، وكان يذهب إلى أن مهما قد تأتي حرفا كقول زهير:

ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفَى على الناس تعلم

مستدلا بأنها في البيت لا محل لها لأن "تكن" معها اسمها وخبرها٥. وذهب إلى أن "لا" العاطفة إنما تقع بين متعاندين مثل: "جاء رجل لا امرأة"، بخلاف: "جاء رجل لا زيد" لصدق اسم الرجل عليه٦، كما ذهب إلى أن الاستفهام التقريري في مثل: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} خبر موجب٧. وكان يرى أنه يحسن عطف الاسم على الفعل مثل: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} ويقبح العكس أي: عطف الفعل على الاسم٨, وذهب إلى أن لا الناهية في مثل: لا تضربْ هي النافية والفعل مجزوم بلام مقدرة٩، وهو تكلف واضح، كما ذهب إلى أن أصل "الذي" ذو بمعنى صاحب، يقول السيوطي: "قدر لذلك تقديرات في غاية التعسف والتكلف"١٠.

وعيسى١١ الجزولي المتوفى سنة ٦٠٧, مغربي من قبيلة جزولة البربرية، حج


١ الهمع ١/ ١٣٤.
٢ الهمع ٢/ ١٢٧.
٣ المغني ص٣٩, والهمع ١/ ١٣٧.
٤ الهمع ١/ ١٥١.
٥ المغني ص٣٦٧.
٦ الهمع ٢/ ١٣٧.
٧ المغني ص١٢١.
٨ الهمع ٢/ ١٤٠.
٩ المغني ص٢٧٤.
١٠ الهمع ١/ ٨٢.
١١ انظر في ترجمة الجزولي: إنباه الرواة ٢/ ٣٧٨, وابن خلكان ١/ ٣٩٤, وشذرات الذهب ٥/ ٢٦, وبغية الوعاة ص٣٦٩.

<<  <   >  >>