للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن واو مفعول الزائدة هي المحذوفة من الصيغتين؛ لأن الزائد أولى بالإعلال من الأصلي، وبذلك يكون وزن الكلمتين عنده "مَفْعُل" و"مَفْعِل", بينما يذهب بعض النحاة الذين خلفوه إلى أن عين صيغة اسم المفعول هي المحذوفة، وأن وزنهما لذلك: "مَفول"١. والمثال الثاني صيغة اسم الفاعل من الفعل الأجوف المهموز مثل جاءٍ من جاءَ، وكان يرى أنه حدث في الصيغة قلب، إذ قدمت ياء لفظة جائي على الهمزة، وذلك أن اسم الفاعل من الفعل الأجوف الثلاثي تقلب عينه همزة مثل سائل، فلو لم تقدم الياء لأدى ذلك إلى انقلابها همزة وأن تجتمع همزتان في كلمة واحدة وهو شيء تكرهه العرب في لغتها، ومن أجل ذلك قدر حدوث قلب في الصيغة، فأصبحت "جايئ": "جائي"، وأعدها ذلك لأن تعل إعلال كلمة قاضٍ، فأصبحت "جاءٍ" ودعم رأيه في هذا الإعلال والقلب بقياس كلمة جاءٍ على كلمة شاكٍ في قول طريف بن تميم العنبري:

فتعرفوني أنني أنا ذاكم ... شاك سلاحي في الحوادث معلم

فإنه قدم الكاف على الهمزة في الصيغة الأصلية لكلمة "شاك", إذ أصلها: "شائك", فأصبحت "شاكئ" ثم أعلها فأصبحت "شاكٍ" ووزنها إذن "فالع" لا فاعل٢. أما المثال الثالث فكلمة "أشياء" فإنها جاءت عن العرب ممنوعة من الصرف مع أنها جمع شيء, وصيغة جمعها وهي أفعال لا تمنع من الصرف، ومن أجل ذلك ذهب الخليل إلى أنه حدث فيها قلب، وأنها ليست على وزن أفعال كما يتبادر، فقد جُمعت "شَيْئاء" على وزن فعلاء الممنوع من الصرف مثل خضراء بعلة ألف التأنيث الممدودة، والكلمة إذن اسم جمع لا جمع، وحدث فيها قلب مكاني, إذ قدمت الهمزة الأولى التي هي لام الكلمة على فائها، وبذلك أصبح وزنها "لفعاء" لا فعلاء وظلت ممنوعة من الصرف. واستدل الخليل على رأيه بأن الكلمة تجمع على "أشاوى" كما


١ الخصائص ٢/ ٦٦, والمنصف شرح تصريف المازني لابن جني "طبعة مطبعة مصطفى الحلبي" ١/ ٢٨٧, والأشباه والنظائر للسيوطي "طبعة حيدر آباد" ١/ ٤٠.
٢ المنصف ٢/ ٥٢, وانظر الكتاب ٢/ ١٢٩، ٣٧٨.

<<  <   >  >>