للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما ذهبوا إليه مع الأخفش من أن الفعل الماضي يقع حالا بدون "قد" بدون تقدير لها كما جاء في الذكر الحكيم: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} ١. وجعله تفسيره للقرآن الكريم في كتابه "المحيط" يتعقب الزمخشري كثيرا، من ذلك قراءة الآية: {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ} بتنوين {كَلَّا} على أنها مصدر من الكل بمعنى الإعياء أو الثقل, أي: "حملوا كَلًّا", وجوز الزمخشري أن تكون {كَلَّا} في القراءة هي نفسها حرف الردع ونُون كما نونت "سلاسلا" في آية: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا} ورد ذلك أبو حيان قائلا: إن ذلك إنما صح في "سلاسلا"؛ لأنه اسم أصله التنوين فرُجع به إلى أصله للتناسب، أو على لغة من يصرف ما لا ينصرف٢. ومن ذلك توجيه الزمخشري لقراءة المضارع بالغيبة في قوله تعالى: {وَلَا يحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} والقراءة المشهورة: {وَلَا تَحْسَبَنَّ} فقد جعل التقدير في القراءة الأولى: ولا يحسبنهم، والذين فاعل. وتصدى له أبو حيان قائلا: إن ذلك يستلزم عود الضمير على المؤخر، وكأنه فاته أن هذا المؤخر مقدم في الرتبة٣. وكان يأخذ برأي الأعلم الشنتمري في أن الإعراب معنوي لا لفظي٤، ونصر ابن الطراوة في أن بناء "سحر" لتضمنها معنى حرف التعريف مثل أمس٥، وكذلك نصر السهيلي في أنه لا بد من تعاند معطوفي لا مثل: "جاءني رجل لا امرأة"٦. وكان ابن الباذش يجوز في مثل: "الهندان هما يفعلان" تذكير المضارع، فيقال: "يفعلان" حملا على لفظ هما، ورد أبو حيان رأيه في جواز تذكير المضارع؛ لأن الأصل رد الأشياء إلى أصولها, وأيضا لأن السماع بالتاء في مثل قول عمر بن أبي ربيعة: "لعلهما أن تبغيا لك حاجة"٧. وكان ابن عصفور وتلميذه ابن الضائع يذهبان إلى أن "كلما" في مثل: "كلما استدعيتك فإن زرتني فعبدي حر" مرفوعة بالابتداء وأن جملتي الشرط والجواب خبر، ودفع قولهما أبو حيان بأنه لم تأت "كلما" في الذكر الحكيم


١ الهمع ١/ ٢٤٧.
٢ المغني ص٢٠٨.
٣ المغني ص٥٤٦, وانظر في ردود أخرى على الزمخشري المغني ص٣٩، ٤٤٦.
٤ الهمع ١/ ١٤.
٥ الهمع ١/ ٢٨.
٦ الهمع ٢/ ١٣٧.
٧ الهمع ٢/ ١٧١.

<<  <   >  >>