للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا منصوبة مثل: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} وكذلك هي في الأشعار١.

وأكثر من كان يتصدى له أبو حيان ويخالفه في آرائه ابنُ مالك، فمن ذلك أنه كان يضعِّف رأيه في أن الإعراب جزء من ماهية الكلمة, ذاهبا مع الجمهور إلى أنه زائد على ماهيتها٢. وذهب ابن مالك إلى أن الفعل الماضي قد يدل على الاستقبال في مواضع، هي: بعد همزة التسوية مثل: "سواء علي أسافرت أم لم تسافر" وبعد أداة التحضيض مثل: "هلا ذاكرت"، وبعد كلما مثل: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ} وبعد حيث مثل: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} , وبعد الصلة مثل: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} , وإذا وقع صفة لنكرة عامة كحديث: "نَضَّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها, فأداها كما سمعها" أي: يسمع. وأنكر أبو حيان هذه الدلالة للماضي، وقال: الذي نذهب إليه فيها جميعا الحمل على المضي لإبقاء اللفظ على موضعه، أما معنى الاستقبال فقد جاء من خارج, أو بعبارة أخرى: من قرينة خارجية٣. وكان ابن مالك يذهب إلى أن الباء قد تزاد مع الحال, مستدلا بقول أحد الشعراء:

فما رجعت بخائبة ركاب ... حكيم بن المسيب منتهاها

وقول آخر:

كائنْ دعيت إلى بأساء داهمة ... فما انبعثت بمزءُود ولا وَكِل

وخالفه أبو حيان، وخرّج البيتين على أن التقدير: بحاجة خائبة وبشخص مزءود أي: مذعور، ويريد بالمزءود نفسه على حد قولهم: "رأيت به أسدا"٤. وكان ان مالك يجوز حذف الضمير العائد في الصلة إذا تعين الحرف, قياسا على الجملة الخبرية كقولك: "الذي سرت يوم الجمعة" أي: فيه. ورد ذلك أبو حيان قائلا: إنه لا ينبغي أن تقاس الصلة على جملة الخبر, ولا أن يُذهب إلى ذلك إلا بسماع ثابت عن العرب٥. وكان ابن مالك يذهب إلى أن حذف نون يكون


١ المغني ص٢٢٢ وما بعدها.
٢ الهمع ١/ ١٥.
٣ الهمع ١/ ٩.
٤ المغني ص١١٧ وما بعدها.
٥ الهمع ١/ ٩٠.

<<  <   >  >>