للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السعدي المعروف بابن القَطِّاع، وتصدر فيها لإقراء اللغة والنحو، ومن تصانيفه: كتاب تهذيب أفعال ابن القوطية وأبنية الأسماء وحواشٍ على الصحاح للجوهري، وما زال مقيما على الإفادة والتصنيف حتى توفي سنة ٥١٥ للهجرة.

وأكبر نحاة مصر لأواخر العصر الفاطمي ابن بري١ المصري المولد والمنشأ المقدسي الأصل، وقد لحق الدولة الأيوبية وامتدت به حياته حتى سنة ٥٨٢ للهجرة. وهو تلميذ ابن بركات وغيره من المصريين والقادمين على مصر من الأندلس وخاصة محمد٢ بن عبد الملك الشنتريني الذي قرأ عليه كتاب سيبويه، وكان للأندلسيين -كما مر بنا- عناية به منذ نقل لهم الرباحي صورة من نسخة النحاس المضبوطة الوثيقة، وتوفروا عليها بالدرس والشرح والتفسير. وعلى نحو ما كان ابن بري قيما بالنحو كان قيما باللغة وشواهدها، وكان إليه التصفح في ديوان الإنشاء الفاطمي: وظيفة أستاذه ابن بركات وابن بابشاذ من قبلهما. وتصدر لإقراء النحو واللغة بجامع عمرو، وطارت شهرته في الآفاق فقصده الطلاب من كل فج، وممن قصده وقرأ عليه كما أسلفنا عيسى الجزولي نحوي المغرب والأندلس، وقد ذكرنا أنه لما قرأ عليه كتاب الجمل للزجاجي أُثيرت مسائل جمعها في مقدمته المعروفة بالجزولية، وكان لا يسيغ أن يقول: هي من تصنيفي؛ لأنها من نتائج خواطر ابن بري وتلاميذه، وقد عني بها النحاة وشرحوها مرارا. واشتهر له في اللغة حواشيه على صحاح الجوهري وكانت في ستة مجلدات، وهي أحد المصادر الخمسة التي ألف منها ابن منظور معجمه الكبير لسان العرب كما يقول في مقدمته، واسمه يتردد فيه ترددا واسعا. ومن مصنفاته: جواب المسائل العشر التي استشكلها أبو نزار الحسن بن صافي النحوي٣ وأغاليط الفقهاء وحواش على درة الغواص في أوهام الخواص للحريري، وقد راجعه في أن التعبير بكلمة "صباحَ مساءٍ" على الإضافة يراد به الصباح وحده, بخلاف "صباحَ مساءَ" على التركيب، فإن ذلك يعنيهما معا،


١ راجع في ترجمة ابن بري: معجم الأدباء ١٢/ ٥٦, وإنباه الرواة ٢/ ١١٠, وابن خلكان ١/ ٢٦٨, وشذرات الذهب ٤/ ٢٧٣, ومرآة الجنان ٣/ ٤٢٤, وبغية الوعاة ص٢٧٨, وطبقات الشافعية للسبكي ٤/ ٢٣٣.
٢ انظره في بغية الوعاة ص٦٨.
٣ أوردها السيوطي في كتاب الأشباه والنظائر ٣/ ١٧١.

<<  <   >  >>