للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: إن هذا الفرق لم يقل به أحد, وإن السيرافي صرح بأن قولهم: يأتينا صباحَ مساءٍ وصباحَ مساءَ وصباحًا ومساءً معناهن واحد١. وكان يذهب إلى أن لولا تفيد التعليل في مثل: "لولا إحسانك لما شكرتك" وأن العرب لذلك جروا بها المضمر في مثل لولاي٢، وهو بذلك يتفق مع سيبويه كما مر بنا في أنها حين يليها المضمر تكون جارة. وذهب مذهب الكوفيين والأخفش في أن إذا الفجائية حرف وليست ظرفا٣، كما ذهب مذهب أبي علي الفارسي في أن "ما" قد تأتي زمانية في مثل: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} أي: استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم٤. ومعروف أن الفعل قد يأتي للمطاوعة، وهي أن يدل أحد الفعلين على تأثير ويدل الآخر على قبول فاعله لذلك التأثير مثل: علّمته فتعلّم، وهو حينئذ يتعدى إلى واحد كما في المثال، وذهب ابن بري إلى أنه قد يتعدى لاثنين نحو: "استخبرت الخبر فأخبرني الخبر", ومثل: "استعطيته كتابا فأعطاني كتابا", وقال ابن هشام: ما ذكره ابن بري ليس من باب المطاوعة وإنما هو من باب الطلب والإجابة٥.

وكان يعاصره عثمان٦ بن عيسى البَلَطِي الموصلي نحوي دمشق المتوفى سنة ٥٩٩ للهجرة، ولما ملك صلاح الدين مصر انتقل إليها فرتب له جاريا لإقراء النحو بجامعها، وكان يتعمق في دراسته ودراسة العَرُوض، ومن مصنفاته "النَّبْر" في العربية والعروض الكبير والعروض الصغير، ويقول السيوطي: إنه كان يخلط بين مذهبي الكوفة والبصرة.

ومن نحاة مصر في العصر الأيوبي سليمان٧ بن بنين الدقيقي تلميذ ابن بري المتوفى سنة ٦١٤ للهجرة، وله مصنفات كثيرة في النحو واللغة والأدب، منها: شرح على سيبويه سماه "لباب الألباب في شرح الكتاب", وكتاب الوضَّاح في شرح أبيات الإيضاح لأبي علي الفارسي، وكتاب إغراب العمل في شرح أبيات الجمل للزجاجي، وكتاب اتفاق المباني وافتراق المعاني في اللغة.


١ الهمع ١/ ١٩٧.
٢ الأشباه والنظائر للسيوطي ١/ ٢٧٧.
٣ الرضي على الكافية ١/ ٩٣، وانظر المغني ص٩٢.
٤ المغني ص٣٣٥.
٥ المغني ص٥٧٤، ٥٧٥.
٦ انظر ترجمة البلطي في: معجم الأدباء ١٢/ ١٤١, وإنباه الرواة ٢/ ٣٤٤, وبغية الوعاة ص٣٢٣.
٧ انظره في بغية الوعاة ص٢٦١.

<<  <   >  >>