للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي قبلها بمنزلة الزيادة التي في الجمع، وهي تكون في الأسماء في الجر والنصب، وذلك قولك: أنت تفعلين، ولم تفعلي, ولن تفعلي".

ويمضي سيبويه، فيعلل لدخول التنوين على الأسماء المتمكنة دون الأفعال المضارعة, فضلا عن غيرها من الأفعال، بسبب خفته وثقلها، يقول: "واعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض، فالأفعال أثقل من الأسماء؛ لأن الأسماء هي الأول "يريد ما ذهب إليه من أن المصادر أصل الأفعال؛ ولذلك كانت الأسماء تتقدم الأفعال في الرتبة" وهي أشد تمكنا، فمن ثم لم يلحقها "أي: الأفعال" تنوين ولحقها الجزم والسكون، وإنما هي من الأسماء "أي: إنها مشتقة من المصادر" ألا ترى أن الفعل لا بد له من الاسم "أي: إنه تابع له، إذ لا يوجد فعل بدون فاعل" وإلا لم يكن كلاما، والاسم قد يستغني عن الفعل تقول: الله إلهنا، وعبد الله أخونا"١. ويلاحظ أن الاسم إذا أشبه المضارع في بنائه منعوه من التنوين والجر، فيجر بالفتحة، ويقول: "واعلم أن ما ضارع الفعل المضارع من الأسماء في الكلام, ووافقه في البناء أجري لفظه مجرى ما يستثقلون ومنعوه ما يكون لما يستخفون "أي: من الأسماء المتمكنة" فيكون في موضع الجر مفتوحا، استثقلوه حيث قارب الفعل في الكلام ووافقه في البناء وذلك نحو: أبيض وأسود وأحمر وأصفر، فهذا بناء أذهب وأعلم"٢. ويقول: إن الاسم يجر بالفتحة أيضا إذا نقل عن المضارع مثل يشكر علما على شخص. ويجعل التنوين مطردا في كل ما هو أشد تمكنا، ولذلك كان أكثر الكلام ينون إذا كان منكرا، وكذلك ينون المفرد ولا ينون الجمع الذي لا يكون له مثال في المفرد مثل مصابيح. وأيضا ينون الاسم المذكر؛ لأنه أخف عليهم من المؤنث؛ ولذلك حرموه التنوين، ويقول: جميع ما لا ينصرف إذا أُدخل عليه الألف واللام أو أُضيف انجرّ؛ لأنها أسماء أدخل عليها ما يدخل على المنصرف، وأدخل فيها المجرور كما يدخل في المنصرف ... وجميع ما يُترَك صرفه "تنوينه" مضارَع به الفعل؛ لأنه إنما فعل به ذلك لأنه ليس له تمكن غيره، كما أن الفعل ليس له تمكن الاسم٣.


١ الكتاب ١/ ٦.
٢ الكتاب ١/ ٦.
٣ الكتاب ١/ ٧.

<<  <   >  >>