للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَين الْمُهَاجِرين لأَنهم إِذْ قدمُوا الْمَدِينَة شاطرتهم الْأَنْصَار ثمارهم، وعَلى ذَلِك بَايعُوا لَيْلَة الْعقبَة على نصرته ومواساة أَصْحَابه. فَرد الْمُهَاجِرُونَ على الْأَنْصَار ثمارهم.

وَلم يسلم من بني النَّضِير إِلَّا رجلَانِ: يَامِين بْن عُمَيْر بْن كَعْب بْن عَمْرو بْن جحاش، وَأَبُو سعيد بْن وهب، أسلما فأحرزا أموالهما. وَذُكِرَ أَن يَامِين بْن عُمَيْر جعل جعلا لمن قتل ابْن عَمه عَمْرو بْن جحاش لما هم بِهِ فِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَنزلت سُورَة الْحَشْر فِي بني النَّضِير١، قَالَ عز وَجل: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٢ الْحَشْرِ} إِلَى قَوْله: {لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ} إِلَى قَوْله: {وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمين} فَكَانَ إجلاء بني النَّضِير أول الْحَشْر فِي الدُّنْيَا إِلَى الشَّام، وَلذَلِك قيل الشَّام أَرض الْحَشْر٣.

غَزْوَة ٤ ذَات الرّقاع

ثمَّ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد إجلاء بني النَّضِير بِالْمَدِينَةِ شهر ربيع الآخر وَبَعض جُمَادَى الأولى صدر٥ السّنة الرَّابِعَة بعد الْهِجْرَة. ثمَّ غزا نجدا يُرِيد بني محَارب وَبني ثَعْلَبَة بْن سعد بْن غطفان، وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة أَبَا ذَر الْغِفَارِيّ، وَقيل: بل اسْتعْمل يَوْمئِذٍ عَلَيْهَا عُثْمَان بْن عَفَّان، وَالْأول أَكثر.

ونهض عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى نزل نخلا٦. وَإِنَّمَا سميت هَذِه الْغَزْوَة ذَات الرّقاع لِأَن


١ أوضحت هَذِه السُّورَة قصَّة بني النَّضِير وحصار الرَّسُول لَهُم ووسوسة ابْن أبي وَالْمُنَافِقِينَ لَهُم بِأَنَّهُم سيقفون فِي جانبهم وَمَا كَانَ من جلائهم وتخريبهم لبيوتهم بِأَيْدِيهِم.
٢ قيل المُرَاد بِأول الْحَشْر حشرهم من الْمَدِينَة، ثمَّ كَانَ حشرهم الثَّانِي من خَيْبَر إِلَى الشَّام على نَحْو مَا سنعرف فِي غَزْوَة خَيْبَر وَقيل أَن المُرَاد هَذَا الْحَشْر فِي الدُّنْيَا ثمَّ يَلِيهِ حشر الْآخِرَة، وَقيل: بل نَار تَحْشُرهُمْ من الْمشرق إِلَى الْمغرب.
٣ انْظُر الرَّوْض الْأنف ٢/ ١٧٧.
٤ انْظُر فِي غَزْوَة ذَات الرّقاع ابْن هِشَام ٣/ ٢١٣ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٤٣ وأنساب الإشراف ١/ ١٦٣ وصحيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ١٢/ ١٧ وتاريخ الطَّبَرِيّ ٢/ ٥٥٥ وَالْبُخَارِيّ ٥/ ١١٣ وَابْن حزم ص١٨٢ وَابْن سيد النَّاس ٢/ ٥٢ وَابْن كثير ٤/ ٨٣ والنويري ١٧/ ١٥٨ والسيرة الحلبية ٢/ ٣٥٣.
٥ قيل: كَانَت فِي الْمحرم من السّنة الرَّابِعَة وَهُوَ قَول ضَعِيف. وَكَانَ السَّبَب فِيهَا مَا سَمعه رَسُول الله من تجمع بني محَارب وَبني ثَعْلَبَة لحربه.
٦ هَكَذَا فِي ابْن هِشَام وَفِي الأَصْل ور: نَخْلَة. ونخل من منَازِل بني ثَعْلَبَة بِنَجْد على يَوْمَيْنِ من الْمَدِينَة.

<<  <   >  >>