للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غَزْوَة ١ فتح مَكَّة

فَأَقَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ بعد بعث مُؤْتَة جُمَادَى ورجبا، ثمَّ حدث الْأَمر الَّذِي أوجب نقض عقد قُرَيْش الْمَعْقُود يَوْم الْحُدَيْبِيَة، وَذَلِكَ أَن خُزَاعَة كَانَت فِي عقد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤمنها وكافرها، وَكَانَت بَنو بكر بْن عَبْد مَنَاة بْن كنَانَة فِي عقد قُرَيْش، فعدت بَنو بكر بْن عَبْد مَنَاة على قوم من خُزَاعَة على مَاء لَهُم بِأَسْفَل مَكَّة، وَكَانَ سَبَب ذَلِك أَن رجلا يُقَال لَهُ مَالك بْن عباد الْحَضْرَمِيّ حليفا لآل الْأسود بْن رزن خرج تَاجِرًا، فَلَمَّا توَسط أَرض خُزَاعَة عدوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا مَاله، وَذَلِكَ قبل الْإِسْلَام بِمدَّة. فعدت بَنو بكر بْن عَبْد مَنَاة رَهْط الْأسود بْن رزن على رجل من خُزَاعَة فَقَتَلُوهُ بِمَالك بْن عباد. فعدت خُزَاعَة على سلمى وكلثوم وذؤيب بني الْأسود بْن رزن فَقَتَلُوهُمْ٢. وَهَؤُلَاء الْإِخْوَة أَشْرَاف بني كنَانَة كَانُوا يودون فِي الْجَاهِلِيَّة ديتين ديتين، ويودى فِي سَائِرهمْ٣ دِيَة دِيَة، وَذَلِكَ كُله قبل الْإِسْلَام فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام حجز مَا بَيْنَ مَنْ ذكرنَا لشغل النَّاس بِهِ٤.

فَلَمَّا كَانَت الْهُدْنَة المنعقدة يَوْم الْحُدَيْبِيَة أَمن النَّاس بَعضهم بَعْضًا، فاغتنم بَنو الديل من بني بكر بْن عَبْد مَنَاة تِلْكَ الفرصة وغفلة خُزَاعَة وَأَرَادُوا إِدْرَاك ثأر بني الْأسود بْن رزن، فَخرج نَوْفَل بْن مُعَاوِيَة الديلِي بِمن أطاعه من بني بكر بْن عَبْد مَنَاة حَتَّى بَيت خُزَاعَة، ونال مِنْهُم٥ فَاقْتَتلُوا. وأعانت قُرَيْش بني بكر بِالسِّلَاحِ، وَقوم من قُرَيْش أَعَانُوهُم بِأَنْفسِهِم


١ انْظُر فِي فتح مَكَّة ابْن هِشَام ٤/ ٣١ والواقدي ٤٠٦ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٩٦ وأنساب الْأَشْرَاف ١/ ١٧٠ وَالْبُخَارِيّ ٥/ ١٤٥ والطبري ٣/ ٤٢ وَسنَن أبي دَاوُد ٢/ ٢٨ وصحيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ١٢/ ١٢٦ وَابْن حزم ص٢٢٣ وَابْن سيد النَّاس ٢/ ١٦٣ وَابْن كثير ٤/ ٢٧٨ والنويري ١٧/ ٢٨٧.
٢ قتلوهم بِعَرَفَة عِنْد أنصاب الْحرم.
٣ سَائِرهمْ: أَي سَائِر قَومهمْ.
٤ فِي الأَصْل ور: بِالْإِسْلَامِ.
٥ يُقَال إِنَّه أصَاب مِنْهُم رجلا ثمَّ تحاوروا واقتتلوا.

<<  <   >  >>