للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غَزْوَة بدر الثَّانِيَة

وَهِي أعظم الْمشَاهد فضلا لمن شَهِدَهَا ١

فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ بعد بعث عَبْد اللَّهِ بْن جحش بَاقِي رَجَب وَشَعْبَان. ثمَّ اتَّصل بِهِ فِي رَمَضَان أَن عيرًا لقريش عَظِيمَة، فِيهَا أَمْوَال لَهُم كَثِيرَة مقبلة من الشَّام إِلَى مَكَّة مَعهَا ثَلَاثُونَ٢ أَو أَرْبَعُونَ رجلا، رئيسهم أَبُو سُفْيَان بْن حَرْب، وَفِيهِمْ عَمْرو بْن الْعَاصِ ومخرمة بْن نَوْفَل الزُّهْرِيّ. فندب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسلمين إِلَى تِلْكَ العير، وَأمر من كَانَ ظَهره٣ حَاضرا بِالْخرُوجِ. وَلم يحتفل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فِي الحشد] لِأَنَّهُ أَرَادَ العير وَلم يعلم أَنه يلقى حَربًا.

فاتصل بِأبي سُفْيَان أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد خرج فِي طَلَبهمْ، فاستأجر ضَمْضَم٤ بْن عَمْرو الْغِفَارِيّ، فَبَعثه إِلَى مَكَّة مستصرخا لَهُم إِلَى نصر عيرهم. فَنَهَضَ إِلَى مَكَّة وهتف بهَا، واستنفر. فَخرج أَكثر أهل مَكَّة فِي ذَلِك النفير، وَلم يتَخَلَّف من أَشْرَافهم إِلَّا أقلهم. وَكَانَ فِيمَن تخلف من أَشْرَافهم أَبُو لَهب.

وَخرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْمَدِينَة لثمان٥ خلون من رَمَضَان، وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة عَمْرو٦ بْن أم مَكْتُوم العامري ليُصَلِّي بِالْمُسْلِمين. ثمَّ رد أَبَا لبَابَة من الروحاء٧ وَاسْتَعْملهُ على الْمَدِينَة. وَدفع اللِّوَاء إِلَى مُصعب بْن عُمَيْر. وَدفع الرَّايَة: الْوَاحِدَة إِلَى عَليّ، وَالثَّانيَِة إِلَى رجل من الْأَنْصَار، وكانتا سوداوين. وَكَانَت راية الْأَنْصَار يَوْمئِذٍ مَعَ سعد بْن٨


١ انْظُر فِي غَزْوَة بدر الْكُبْرَى أَو الثَّانِيَة ابْن هِشَام ٢/ ٢٥٧ والواقدي ص١١ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٦ وأنساب الْأَشْرَاف ١/ ١٣٥ والطبري ٢/ ٤٢١ وصحيح البُخَارِيّ ٥/ ٧٢ وصحيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ١٢/ ١٢٤ وَابْن حزم ص١٠٧ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٢٤١ وَابْن كثير ٣/ ٢٥٦ والسيرة الحلبية ٢/ ١٨٩ والنويري ١٧/ ١٠.
٢ فِي بعض المصادر أَنه كَانَ مَعَ أبي سُفْيَان سَبْعُونَ رجلا، وَأَن العير كَانَت تضم ألف بعير.
٣ ظَهره: بعيره.
٤ أحد أدلاء القوافل فِي الْجَاهِلِيَّة.
٥ هَكَذَا قَالَ ابْن هِشَام نقلا عَن ابْن إِسْحَاق، وَقَالَ ابْن سعد هَذَا الْخُرُوج كَانَ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَان.
٦ وَيُسمى أَيْضا عبد الله بن أم مَكْتُوم.
٧ الروحاء: مَوضِع على نَحْو ثَلَاثِينَ ميلًا من الْمَدِينَة.
٨ قَالَ ابْن سعد: كَانَ لِوَاء الْخَزْرَج مَعَ الْحباب بن الْمُنْذر، ولواء الْأَوْس مَعَ سعد بن معَاذ.

<<  <   >  >>