للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معَاذ. وَكَانَ مَعَ أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ سَبْعُونَ بَعِيرًا يعتقبونها١. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَعلي ومرثد يعتقبون بَعِيرًا. وَكَانَ حَمْزَة وَزيد بْن حَارِثَة وَأَبُو كَبْشَة وأنسة موَالِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعتقبون بَعِيرًا. وَكَانَ أَبُو بكر وَعمر وَعبد الرَّحْمَن بْن عَوْف يعتقبون بَعِيرًا. وَجعل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السَّاقَة قيس بْن أبي صعصعة من بني النجار.

وسلك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرِيق العقيق إِلَى ذِي الحليفة إِلَى ذَات الْجَيْش إِلَى فج الروحاء إِلَى مضيق الصَّفْرَاء٢. فَلَمَّا قرب من الصَّفْرَاء بعث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبس بْن عَمْرو الْجُهَنِيّ حَلِيف بني سَاعِدَة وعدي بْن أبي الزغباء الْجُهَنِيّ حَلِيف بني النجار إِلَى بدر يتجسسان أَخْبَار أبي سُفْيَان وَغَيره. واستخبر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن جبلي الصَّفْرَاء هَل لَهما اسْم يعرفان بِهِ فَأُخْبِرَ عَنْهُمَا وَعَن سكانهما بأسماء كرهها: بَنو النَّار، وَبَنُو حراق: بطْنَان من غفار، فَتَركهُمَا على يسَاره، وَأخذ على يَمِينه.

فَلَمَّا خرج من ذَلِك الْوَادي وَأَتَاهُ الْخَبَر بِخُرُوج نفير قُرَيْش لنصر العير، فَأخْبر أَصْحَابه بذلك واستشارهم فِيمَا يعْملُونَ، فَتكلم كثير من الْمُهَاجِرين٣. فتمادى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مشورته وَهُوَ يُرِيد مَا تَقول الْأَنْصَار. فبدر سعد بْن معَاذ، وَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه، وَالله لَو اسْتعْرضت بِنَا هَذَا الْبَحْر لَخُضْنَاهُ مَعَك، فَسِرْ بِنَا يَا رَسُول اللَّه، على بركَة اللَّه، حَيْثُ شِئْت. فَسَرَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ، وَقَالَ: "سِيرُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِن اللَّه عز وَجل قد وَعَدَني إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ" ٤.

وَسَار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نزل قَرِيبا من بدر. وَركب رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ رجال من أَصْحَابه مستخبرا، ثمَّ انْصَرف. فَلَمَّا أَمْسَى بعث عليا وَالزُّبَيْر وَسعد بْن أبي وَقاص فِي نفر


١ يعتقبونها كَمَا مر فِي غير هَذَا الْموضع: يتناوبونها، وَكَانُوا حِينَئِذٍ كل ثَلَاثَة يتناوبون بَعِيرًا. وَقَالَ ابْن سعد: كَانَ مَعَهُمَا فرسَان: فرس لِلْمِقْدَادِ، وَفرس لمرثد بن أبي مرْثَد، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: وَفرس للزبير بن الْعَوام.
٢ الصَّفْرَاء: وَاد فَوق يَنْبع مِمَّا يَلِي الْمَدِينَة بَينه وَبَين بدر مرحلة.
٣ يرْوى أَن أَبَا بكر قَامَ يَوْمئِذٍ فَقَالَ وَأحسن، وَكَذَلِكَ عمر، وَقَامَ الْمِقْدَاد فَقَالَ: يَا رَسُول الله امْضِ لما أَمر الله، فَنحْن مَعَك، وَالله لَا نقُول لَك كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى: اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ، وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ.
٤ الطائفتان هُنَا: العير وقريش.

<<  <   >  >>