للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضبطت فِيهِ بعض الْكَلِمَات بالشكل، وكتبت عناوين الْفُصُول والأبواب بالقلم الثُّلُث. وَالْآخر خطّ مُعْتَاد قَلِيل الإعجام خَال من الضَّبْط. والعناوين فِيهِ بِخَط أكبر مِمَّا يَليهَا. وعَلى الهوامش مراجعات واستدراكات، مِمَّا يدل على أَن ناسخها رَاجعهَا على الأَصْل الَّذِي نسخهَا مِنْهُ، وَقد صرح بذلك فِي نهايتها. ويبدو أَنَّهَا كتبت فِي الْقرن الثَّامِن الهجري، وَمر بِنَا استظهارنا لِأَن تكون نُسْخَة فرعية للْأُم الَّتِي نقل عَنْهَا ابْن سيد النَّاس نقُوله فِي كِتَابه "عُيُون الْأَثر".

وتتردد فِي المخطوطة كلمة "قلت" ويليها تعقيبات وتعليقات على كَلَام ابْن عبد الْبر، وَكَثِيرًا مَا يستضىء صَاحبهَا بِبَعْض مَا ذكره السُّهيْلي الْمُتَوفَّى سنة ٥٨١ لِلْهِجْرَةِ فِي كِتَابه "الرَّوْض الْأنف" فِي تَفْسِير مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ حَدِيث السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام مِمَّا يقطع بِأَنَّهُ عَالم مُتَأَخّر. وَقد أحَال كثيرا على كتاب الِاسْتِيعَاب فِي معرفَة الْأَصْحَاب لِابْنِ عبد الْبر، وأحال أَيْضا على كِتَابيه "التَّمْهِيد" و "الاستذكار" وَقد يضع مَكَان كلمة "قلت" كلمة "فَائِدَة" أَو "هُنَا لَطِيفَة". وَفِي مَوَاضِع قلية جدا ذكر التَّعْلِيق بِدُونِ إِشَارَة تسبقه تدل على أَوله، غير أَن تَعْلِيقه كَانَ دَائِما يحمل الدّلَالَة على أَنه لَيْسَ من كَلَام ابْن عبد الْبر، بِمَا يتَضَمَّن من معارضته لَهُ، وَبِمَا ينهيه بِهِ من عَلَامَات نهايات الاستدراكات كَقَوْلِه: "يرجع الْكَلَام" أَو "عَاد الْكَلَام" أَو "وَالله أعلم" أَو "وَالله الْمُوفق" أَو "بِاللَّه التَّوْفِيق أَو "وَالْحَمْد لله" أَو "وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين". وَإِحْدَى اثْنَتَيْنِ: إِمَّا أَن تكون هَذِه التعليقات كتبت على هَامِش الأَصْل الَّذِي نقلت عَنهُ هَذِه المخطوطة وأدخلها فِيهَا ناسخها، أَو يكون النَّاسِخ الَّذِي كتبهَا هُوَ نفس الْعَالم الَّذِي أضَاف هَذِه التعقيبات والمراجعات. وَقد أخرجتها جَمِيعًا من الْكتاب ووضعتها فِي هوامشه مُشِيرا إِلَيْهَا دَائِما بنجوم، حَتَّى تتَمَيَّز مِمَّا فِي الهوامش من تعليقات لي مرقمة. وَهِي تدل دلَالَة بَيِّنَة على أَن من كتبهَا مُحدث بَصِير بكتب السِّيرَة النَّبَوِيَّة وَكتب الحَدِيث الْمُخْتَلفَة، وَأَنه فَقِيه سني، عَالم باختلافات الْفُقَهَاء وطرقهم فِي الاستنباط، وَأَنه يتقن الْعلم باللغة والنحو واختلافات النُّحَاة: سِيبَوَيْهٍ وَغَيره فِي بعض الْمسَائِل، كَمَا يتقن عُلُوم الْبَيَان من الْمجَاز وَغير الْمجَاز. وَإِنَّمَا أخرجت مراجعاته وتعليقاته من الْكتاب حَتَّى أُعِيد إِلَيْهِ نسقه وَصورته الْأَصْلِيَّة.

أما الْمنْهَج الَّذِي ترسمته فِي تَحْقِيق الْكتاب فقد أخذت نَفسِي فِيهِ، بِمُقَابلَة نصوصه على الأَصْل الَّذِي استمد مِنْهُ ابْن عبد الْبر فِي الْمَغَازِي، وَهُوَ سيرة ابْن إِسْحَاق بِرِوَايَة ابْن هِشَام

<<  <   >  >>