للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وودكا مِنْهُ١. ووقف إِلَى بعض حصونهم فَامْتنعَ عَلَيْهِم فَتحه ولقوا فِيهِ شدَّة، فَأعْطى رايته أَبَا بكر الصّديق فَنَهَضَ بهَا وَقَاتل واجتهد وَلم يفتح عَلَيْهِ، ثمَّ أعْطى الرَّايَة عمر فقاتل ثمَّ رَجَعَ وَلم يفتح لَهُ وَقد جهد. فَحِينَئِذٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَأُعْطيَن الرَّايَة غَدا رجلا يحب اللَّه وَرَسُوله وَيُحِبهُ اللَّه وَرَسُوله، لَيْسَ بفرار، يفتح اللَّه عز وَجل على يَدَيْهِ". فَلَمَّا أصبح دَعَا عليا، وَهُوَ أرمد، فتفل فِي عَيْنَيْهِ، ثمَّ قَالَ: "خُذ الرَّايَة فَامْضِ بهَا حَتَّى يفتح اللَّه بهَا عَلَيْك". ذكر هَذَا الْخَبَر ابْن إِسْحَاق٢. قَالَ: قَالَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ فَرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، وَذَكَرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعثه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَايَتِهِ إِلَى حِصْنٍ مِنْ حُصُونِ خَيْبَرَ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنِ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ وَقَاتَلَهُمْ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ، فَأَلْقَى٣ تُرْسَهُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ، وَهُوَ يُقَاتِلُ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نفر معي سَيْفه وَأَنَا ثَامِنُهُمْ نَجْتَهِدُ عَلَى أَنْ يقلب ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نَقْلِبُهُ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بَكِيرٍ وَزِيَادٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَالأُمَوِيِّ٤ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَلَمْ يَشْهَدْ جَابِرٌ خَيْبَرَ٥:

أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ هُوَ الَّذِي قَتَلَ مَرْحَبًا الْيَهُودِيَّ بِخَيْبَرَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ لِهَذَا؟ " يَعْنِي: مَرْحَبًا الْيَهُودِيَّ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَنَا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَطْلُبُ الثَّأْرَ، قَتَلَ أَخِي بِالأَمْسِ. قَالَ: "فَقُمْ إِلَيْهِ" فَنَهَضَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَتَقَاتَلا، وَكَانَا يَسْتَتِرَانِ بِشَجَرَةٍ [فَجَعَلَ٦ أَحَدُهُمَا يَلُوذُ بِهَا مِنْ صَاحِبِهِ، كُلَّمَا لاذَ بِهَا مِنْهُ اقْتَطَعَ بِسَيْفِهِ مَا دُونَهُ مِنْهَا] حَتَّى ذَهَبَتْ أَغْصَانُهَا [وَبَرَزَ٧ كل وَاحِد مِنْهُمَا


١ الودك: دسم اللَّحْم ودهنه.
٢ انْظُر فِي هَذَا الْخَبَر وتاليه ابْن هِشَام ٣/ ٢٤٩.
٣ فِي ابْن هِشَام: فطاح ترسه من يَده. وَفِي رِوَايَة: فَطرح ترسه من يَده.
٤ هُوَ سعيد بن يحيى الْأمَوِي، وَله كتاب فِي السّير.
٥ انْظُر فِي هَذَا الْخَبَر ابْن هِشَام ٣/ ٣٤٨.
٦ زِيَادَة من ابْن هِشَام سَاقِطَة من الأَصْل ور.
٧ زِيَادَة أَيْضا من ابْن هِشَام وَعبارَة ر: ثمَّ ضربه مرحب فعض سَيْفه بدرقة مُحَمَّد بن مسلمة.

<<  <   >  >>