للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غَزْوَة ١ مُؤْتَة

فَلَمَّا انْصَرف رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عمْرَة الْقَضَاء أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ ذَا الْحجَّة وَالْمحرم وصفرا وشهري ربيع، ثمَّ بعث عَلَيْهِ السَّلَام فِي جُمَادَى الْآخِرَة من السّنة الثَّامِنَة من الْهِجْرَة بَعْثَ الْأُمَرَاء٢ إِلَى الشَّام. وَأَمَّرَ على الْجَيْش زيد بْن حَارِثَة مَوْلَاهُ، وَقَالَ: "إِن قتل أَو أُصِيب فعلى النَّاس جَعْفَر بْن أبي طَالب، فَإِن قتل فعبد اللَّه بْن رَوَاحَة" وشيعهم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وودعهم ثمَّ انْصَرف، ونهضوا.

فَلَمَّا بلغُوا معَان٣ من أَرض الشَّام أَتَاهُم الْخَبَر بِأَن هِرقل ملك الرّوم فِي نَاحيَة البلقاء وَهُوَ فِي مائَة ألف من الرّوم وَمِائَة ألف أُخْرَى من نَصَارَى الْعَرَب أهل البلقاء من لخم وجذام وقبائل قضاعة من بهراء وبلي وبلقين٤ وَعَلَيْهِم رجل من بني إراشة من بلي يُقَال لَهُ مَالك بْن رافلة٥ فَأَقَامَ الْمُسلمُونَ فِي معَان [لَيْلَتَيْنِ] ٦ وَقَالُوا: نكتب إِلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونخبره بِعَدَد عدونا٧ فيأمرنا بأَمْره أَو يمدنا. فَقَالَ لَهُم٨ عَبْد اللَّهِ بْن رَوَاحَة: يَا قوم إِن الَّتِي تطلبون قد أدركتموها -يَعْنِي الشَّهَادَة- وَمَا نُقَاتِل النَّاس بِعَدَد وَلَا قُوَّة، وَمَا نقاتلهم إِلَّا بِهَذَا الدَّين الَّذِي أكرمنا اللَّه بِهِ، فانْطَلِقُوا، فَهِيَ إِحْدَى الحسنيين،: إِمَّا ظُهُور٩، وَإِمَّا شَهَادَة. فوافقه الْجَيْش كُله على هَذَا الرَّأْي.

ونهضوا حَتَّى إِذا كَانُوا بتخوم١٠ البلقاء لقوا الجموع الَّتِي ذَكرنَاهَا كلهَا مَعَ هِرقل إِلَى


١ انْظُر فِي غَزْوَة مُؤْتَة ابْن هِشَام ٤/ ١٥ والواقدي ٤٠١ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٩٢ وَالْبُخَارِيّ ٥/ ١٤٣ والطبري ٣/ ٣٦ وَابْن حزم ص٢٢٠ وَابْن سيد النَّاس ٢/ ١٥٣ وَابْن كثير ٤/ ٢٤١ والنويري ١٧/ ٢٧٧.
٢ سمي بذلك لتَعَدد أمرائه، بِحَيْثُ كلما قتل أَمِير خَلفه أَمِير.
٣ معَان بِفَتْح الْمِيم وَقيل بضَمهَا: حصن كَبِير بالأردن.
٤ هَكَذَا فِي الأَصْل، ور وَبَعض المصادر، وَفِي مصَادر أُخْرَى: والقين.
٥ فِي بعض المصادر: راقلة بِالْقَافِ وَفِي بَعْضهَا: زافلة بالزاي وَالْفَاء.
٦ زِيَادَة من ابْن هِشَام وَغَيره.
٧ هَكَذَا فِي ر وَابْن هِشَام وَغَيره، وَفِي الأَصْل: عدوه.
٨ هَكَذَا فِي ر وَفِي الأَصْل: لَهُ.
٩ ظُهُور: انتصار.
١٠ تخوم: حُدُود.

<<  <   >  >>