للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْجِنّ١. و [فِي] قَول عَلْقَمَة: وددت أَن صاحبنا مَعَه ليلتئذ مَا يدْفع الْأَخْبَار الْوَارِدَة بذلك، لِأَن الْمَعْنى أَنه لم يكن مَعَه، وَمَا زَالَ عَن الْخط الَّذِي خطّ لَهُ.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَان، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ٢:

لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْجِنِّ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمُرَةٌ٣، فَآذَنَتْهُ بِهِمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنَ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّ مَسْرُوقًا قَالَ لَهُ: أَبُوكَ أَخْبَرَنَا: أَنَّ شَجَرَةً أَنْذَرَتِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالْجِنِّ.

قَالَ أَبُو دواد: وَحَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ مَعْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَأَلْتُ مَسْرُوقًا مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ آذنته بهم سَمُرَة *.


١ نَص هَذَا الحَدِيث فِي صَحِيح مُسلم: عَن عَلْقَمَة عَن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: لم أكن لَيْلَة الْجِنّ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم ووددت أَنِّي كنت مَعَه. وَقَبله حَدِيث أَكثر طولا وَفِيه قَالَ عَلْقَمَة: أَنا سَأَلت ابْن مَسْعُود فَقلت: هَل شهد أحد مِنْكُم مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْجِنّ؟ قَالَ: لَا. وعلق النَّوَوِيّ على ذَلِك بقوله: هَذَا صَرِيح فِي إبِْطَال الحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي سنَن أبي دَاوُد وَغَيره الْمَذْكُور فِيهِ الْوضُوء بالنبيذ وَحُضُور ابْن مَسْعُود مَعَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة الْجِنّ، فَإِن هَذَا الحَدِيث صَحِيح وَحَدِيث النَّبِيذ ضَعِيف بِاتِّفَاق الْمُحدثين، ومداره على أبي زيد مولى عَمْرو بن حُرَيْث وَهُوَ مَجْهُول. انْظُر النَّوَوِيّ على صَحِيح مُسلم ٤/ ٦٦٨.
٢ انْظُر فِي هَذَا الحَدِيث وتالييه ابْن سيد النَّاس ١/ ١٣٧.
٣ السمرَة: شَجَرَة الطلح.
* قلت: لَا خلاف فِي أَن الله كلف الْجِنّ على لِسَان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم تكاليف وَشرع لَهُم شرائع. وَإِنَّمَا اخْتلف الْعلمَاء فِي ثوابهم الْمَوْعُود على طَاعَة المعبود، فَقيل ثوابهم السَّلامَة، وَقيل: والكرامة بِالْجنَّةِ. وينقل الأول عَن مَالك رَحمَه الله تَعَالَى، وَاسْتشْهدَ عَلَيْهِ بقوله تَعَالَى [على لسانهم] : {يغْفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عَذَاب أَلِيم} . فَلم يتَعَلَّق أملهم إِلَّا بالسلامة خَاصَّة. وَاسْتشْهدَ صَاحب الْمَذْهَب الآخر بقوله تَعَالَى: {لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان} فَهَذَا يدل على أَن الْجِنّ يتَوَقَّع لَهُم الْفَوْز بالحور كَمَا يتَوَقَّع للإنس. وَالْمذهب الأول أظهر، وَذَلِكَ أَن الجان مَخْلُوق من نَار، وَلَا مدْخل للنار فِي الْجنَّة وَالله أعلم.

<<  <   >  >>