العضل كلهَا فَهُوَ نفس عَظِيم بل إِذا تحِركت كلهَا الْحَرَكَة الَّتِي تبلغ فِي الْبسط وَالْقَبْض تَصرفا فِي هَوَاء كثير. وَالصَّغِير هُوَ على مُقَابلَته وَقد يبلغ من شدّة حَرَكَة أَعْضَاء النَّفس للاستنشاق أَن تتحرك منبسطة من قدّام إِلَى الترقوتين وَمن خلف إِلَى عظم الْكَتِفَيْنِ وَمن الْجَانِبَيْنِ إِلَى مُعظم لحم الْكَتف وَرُبمَا استعانت بالمنخرين بل تستعين بهما فِي أَكثر الْأَحْوَال وَقد يخْتَلف الْحَال فِي الانقباض أعظم وَذَلِكَ بِحَسب الْمَادَّة الَّتِي تحْتَاج إِلَى أَن تخرج الانقباض والكيفية الَّتِي تحْتَاج أَن تعدل بالإدخال والانبساط فَأَيّهمَا كَانَت الْحَاجة إِلَيْهِ أمس كَانَت الْحَرَكَة الَّتِي تحبسه أَزِيد فَإِن احْتِيجَ إِلَى إطفاء اللهيب كَانَ الانبساط عَظِيما وَإِذا اتّفق فِي إِنْسَان إِن كَانَ غير عَظِيم الِاسْتِنْشَاق بل صغيره ثمَّ كَانَ عَظِيم الْإِخْرَاج للنَّفس كَانَ ذَلِك دَلِيلا على أَن الْحَرَارَة الغريزية نَاقِصَة والغريبة الدَّاخِلَة زَائِدَة. والأسباب فِي تجشم هَذِه الْأَعْضَاء كلهَا للحركة بعنف أَرْبَعَة: فَإِنَّهَا إِمَّا أَن تكون بِسَبَب عَظِيم الْحَاجة لالتهاب حرارة فِي نواحي الْقلب وَإِمَّا لسَبَب فِي العضل المحركة من ضعف فِي نَفسهَا أَو بمشاركة الْأُصُول وَمثل مَا هُوَ فِي آخر الدق والسل وَفِي جَمِيع الْمدَّة فَإِنَّهَا تضعف القوّة أَو لعِلَّة إِلَيْهِ بهَا خَاصَّة أَو بمشاركتها الْمَذْكُورَة فِيمَا سلف عَن تشنج يعرض لَهَا أَو فالج أَو سوء مزاج أَو ورم ووجع أَو غير ذَلِك يعرض للعضل عَن الانبساط مثل امتلاء الْمعدة عَن أغذية أَو ريَاح إِذا جَاوز الْحَد فحال بَين الْحجاب والانبساط فَلم ينبسط هُوَ وَحده. وَإِمَّا لضيق المنافذ الَّتِي هِيَ الحنجرة وجداول القصبة والشرايين وَمَا يتَّصل بهَا من منافذ النَّفس مثل التخلخل الَّذِي فِي الرئة فَإِنَّهَا إِذا امْتَلَأت أخلاطاً كثرت فِيهِ السدد أَو عرض فِيهَا الورم وَهَؤُلَاء كأصحاب الربو وَأَصْحَاب الْمدَّة وَأَصْحَاب ذَات الرئة. وَأما الْغَفْلَة مَعَ حَاجَة أَو قلّة حَاجَة حَتَّى طَالَتْ الْمدَّة بَين النفسين فاحتيج إِلَى نفس عَظِيم يتلافى مَا وَقع من التَّقْصِير مثل نفس وَمن جملَة هَذِه الْحَاجة عظم نفس النَّائِم لِأَنَّهُ يكثر فِيهِ البخارات الدخانية ويغفل فِيهِ النَّفس عَن إِرَادَة إِخْرَاج النَّفس إِلَى أَن يكثر بهَا الدَّاعِي فَيخرج لَا محَالة عَظِيما وَكَذَلِكَ نفس من مزاج قلبه لَيْسَ بذلك الحاد المتقاضي بِالنَّفسِ فيدافع إِلَى وَقت الضَّرُورَة ويتلافى بالعظم مَا فَاتَهُ بالمدافعة العلامات الَّتِي يفرّق بهَا بَين أَسبَاب حَرَكَة الصَّدْر كُله إِن كَانَ ذَلِك بِسَبَب كَثْرَة الْحَاجة وَتَكون الْقُوَّة قَرْيَة كَانَ النَّفس كثيرا فِي إِدْخَاله وَفِي نفخه وَيكون ملمس النَّفس حاراً ملتهباً والنبض أَيْضا عَظِيما دَالا على الْحَرَارَة وَتَكون عَلَامَات الالتهاب مَوْجُودَة فِي الصَّدْر وَالْوَجْه والعينين وَفِي اللِّسَان فِي لَونه وخشونته وَغير ذَلِك فَإِن لم يكن ذَلِك وَلم تكن الْقُوَّة سَاقِطَة وَكَأَنَّهَا لَا يُمكنهَا الْبسط التَّام فالسبب الضيّق فِي شَيْء مِمَّا عددناه. وَأما إِن كَانَت الْأَعْضَاء كلهَا تحاول أَن تتحرّك ثمَّ لَا تتحرك حَرَكَة يعْتد بهَا وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute