وأعضاء النَّفس هِيَ الحنجرة والرئة والقصبة وَالْعُرُوق الخشنة والشرايين والحجاب وعضل الصَّدْر والصدر نَفسه فَإِن الآفة قد تكون فِي الصَّدْر نَفسه إِذا كَانَ ضيقا صَغِيرا فَيحدث لذَلِك فِي النَّفس آفَة وَأما مباديها فالدماغ نَفسه والنخاع أَيْضا لِأَنَّهُ منشأ للحجاب فَإِنَّهُ ينْبت أَكثر من الزَّوْج الرَّابِع من عصب النخاع وتتصل بِهِ شُعْبَة من الْخَامِس وَالسَّادِس والعصب الجائي إِلَيْهَا. وَأما الْأَعْضَاء الْمُشَاركَة بالجوار إِلَيْهَا فكالمعدة والكبد وَالرحم والإمعاء وَسَائِر الأحشاء وَتلك الْآفَات إِمَّا سوء مزاج مضعّف حَار أَو بَارِد أَو رطب أَو يَابِس أيا كَانَ ساذجاً أَو بمادة من خلط محتبس أَو منصبّ إِلَيْهِ كثيرا أَو لزجاً أَو غليظاً والمدة والقيح من جُمْلَتهَا أَو من ريح أَو بخار وَإِمَّا مرض آلي من فالج أَو تشنج أَو انحلال فَرد من تصدع أَو تعفن أَو تقرّح أَو تَأْكُل أَو من ورم بَارِد أَو حَار أَو صلب أَو من وجع. وَأَنت تعلم مِمَّا نَقصه عَلَيْك أَن النَّفس قوي الدّلَالَة وجار مجْرى النبض بعد أَن تراعى الْعَادة فِيهِ كَمَا يجب أَن تراعي الْأَمر الطبيعي الْمُعْتَاد فِي النبض أَيْضا. فصل فِي النَّفس الْعَظِيم وَالصَّغِير وأسبابه ودلائله النَّفس الْعَظِيم: هُوَ النَّفس الَّذِي ينَال هَوَاء كثيرا جدا فَوق المعتدل وَهُوَ الَّذِي تنبسط مِنْهُ أَعْضَاء النَّفس فِي الْجِهَات كلهَا انبساطاً وافر الْعظم مَا يستنشق. وَالصَّغِير الضّيق يكون حَاله فِي ذَلِك بالضد فيصغر مَا يستنشق وَكَذَلِكَ فِي جَانب الْإِخْرَاج. وَأَسْبَاب النَّفس الْعَظِيم هِيَ: أَسبَاب النبض الْعَظِيم أَعنِي الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة فقد يظنّ أَن الصَّغِير هُوَ الَّذِي يتم بحركة الْحجاب فَقَط وَذَلِكَ لَيْسَ صَحِيحا على الْإِطْلَاق فَإِنَّهُ - وَإِن كَانَ قد يكون مَا يتم بحركة الْحجاب وَحده صَغِيرا - فَرُبمَا كَانَ ذَلِك معتدلاً فَإِن المعتدل لَا يفْتَقر إِلَى حَرَكَة غير الْحجاب إِذا كَانَ الْحجاب قويّ الْقُوَّة وَرُبمَا كَانَ النَّفس صَغِيرا فَإِن كَانَت الْأَعْضَاء الصدرية كلهَا تتحرك إِذا كَانَت كلهَا ضَعِيفَة فَلَا يَفِي الْحجاب وَحده بِالنَّفسِ الْمُحْتَاج إِلَيْهَا وَلَا إِن كَانَت الْحَاجة إِلَى المعتدل بل يحْتَاج أَن يعاونه الْجَمِيع ثمَّ لَا يكون بِالْجَمِيعِ من الْوَفَاء باستنشاق الْهَوَاء وإخراجه الْوَاقِع مثلهمَا عَن الْحجاب وَحده لَو كَانَ سليما صَحِيحا قَوِيا لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاحِد من تِلْكَ الْأَعْضَاء يَفِي بانبساط تَامّ وَلَا بِالْقدرِ الَّذِي إِذا اجْتمع إِلَيْهِ مَعُونَة غَيره حصل من الْجَمِيع بسط للرئة كَاف معتدل وَذَلِكَ لضعف من القوى أَو الضّيق من المنافذ كَمَا يعرض فِي ذَات الرئة لَكِن يجب أَن يكون عَظِيم النَّفس مُعْتَبرا بِمِقْدَار مَا يتصرّف فِيهِ من الْهَوَاء مَقْبُولًا ومردوداً وَلنْ يتمّ ذَلِك إِلَّا بحركة جَامِعَة من العضلة الصدريّة وَمَا يَليهَا ثمَّ لَا تنعكس حَتَّى تكون كلهَا تتحرك فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute