للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقد تكون أَيْضا أوجاع هَذِه الْأَعْضَاء لَيست من ورم وَلَكِن من ريَاح فتغلظ فيظن أَنَّهَا من هَذِه العلّة وَلَا تكون. وَذَات الْجنب ورم حَار فِي نواحي الصَّدْر إِمَّا فِي العضلات الْبَاطِنَة وَفِي الْحجاب المستبطن للصدر وَإِمَّا فِي الْحجاب الحاجر وَهُوَ الْخَالِص أَو فِي العضل الظَّاهِرَة الْخَارِجَة أَو الْحجاب الْخَارِج بمشاركة الْجلد أَو بِغَيْر مُشَاركَة. وَأعظم هَذَا وأهوله مَا كَانَ فِي الْحجاب الحاجز نَفسه وَهُوَ أصعبه. ومادة هَذَا الورم فِي الْأَكْثَر مرار أَو دم رَدِيء لِأَن الْأَعْضَاء الصفاقية لَا ينفذ فِيهَا إِلَّا اللَّطِيف المراري ثمَّ الدَّم الْخَالِص وَلذَلِك تكون نَوَائِب اشتداد حماة غبا فِي الْأَكْثَر وَلذَلِك قلّما يعرض لمن يتجشأ فِي الْأَكْثَر حامضاً لِأَنَّهُ بلغمي المزاج وَمَعَ ذَلِك قد يكون من دم محترق وَقد يكون من بلغم عفن وَقد يكون فِي الندرة من سَوْدَاء عفن ملتهب وَقد بَينا فِي الْكتاب الكلّي أَنه لَيْسَ من شَرط الورم الْحَار أَن لَا يكون من بلغم وسوداء بل قد يكون من بلغم وسوداء على صفة إِلَّا أَنه لَا يكون حاراً إِلَّا إِذا كَانَ من مرّة أَو دم. فَإِن كَانَ من غَيرهمَا كَانَ مزمناً وَهَذَا شَيْء لَيْسَ يحصله كثير من النَّاس. وَلما كَانَ كل ورم إِمَّا أَن يتحلّل وَإِمَّا أَن يجمع وَإِمَّا أَن يصلب فَكَذَلِك حَال ذَات الْجنب. لَكِن الصلابة فِي ذَات الْجنب ممّا يقلّ فَهُوَ إِذن إِمَّا أَن يتحلّل وَإِمَّا أَن يجمع أَي فِي غَالب الْأَحْوَال. وَذَات الْجنب إِذا تحلّلت قبلت الرئة فِي الْأَكْثَر مَا يتَحَلَّل مِنْهُ ونفثته وأخرجته وَرُبمَا تحلّل إِلَى جِهَة أُخْرَى. وَإِذا اجْتمعت الْمدَّة احْتِيجَ ضَرُورَة إِلَى أَن تنضج لتتفجر فَرُبمَا تنفث الرئة الْمدَّة وَرُبمَا قبلهَا الْعرق الأجوف فَخرجت بالبول وَرُبمَا انصبت إِلَى مجاري الثفل فاستفرغت فِي الإسهال. وَقد تقع كثيرا إِلَى الْأَمَاكِن الخالية واللحوم الغددية فَتحدث أوراماً فِي مثل الأرنبتين والمغابن وَخلف الْأُذُنَيْنِ. وَكَثِيرًا مَا تنْدَفع الْمَادَّة إِلَى الدِّمَاغ وأعضاء أُخْرَى كَمَا سنذكر فَيَقَع خطر أَو يهْلك وَرُبمَا خنقت الْمَادَّة الرئة بكثرتها وملئها مجْرى النَّفس وَرُبمَا لم تكن كثرتها هَذِه الْكَثْرَة وَلَا كَانَت إِلَّا نضيجة مُدَّة كَانَت أَو نفثاً مثل الْمدَّة إِلَّا أَن القوى تكون سَاقِطَة فتعجز عَن النفث وَلذَلِك يجب أَن تقوى الْقُوَّة فِي هَذَا الْوَقْت حَتَّى تقوى على الانقباض الشَّديد للسعال النافث فَإِن هَذَا النفث فعل يتم بقوّتين إِحْدَاهمَا طبيعية منضجة ودافعة أَيْضا وَالْأُخْرَى إرادية دافعة وَإِذا لم تقويا جَمِيعًا أمكن أَن تعجز عَن التنقية. وَاعْلَم أَن عسر النفث إِمَّا أَن يكون من الْقُوَّة إِذا كَانَت ضَعِيفَة أَو من الْآلَة إِذا كَانَت الْآلَة تتأذى بحركة نَفسهَا أَو حَرَكَة جارها أَو من الْمَادَّة إِذا كَانَت رقيقَة جدا أَو كَانَت غَلِيظَة أَو لزجة. وَفِي مثل هَذِه الْأَحْوَال قد يعرض فِي الرئة كالغليان لاختلاط الْهَوَاء بالمادة العاصية المنصبة إِلَى الرئة والعصبة

<<  <  ج: ص:  >  >>