وأوفق الألبان لبن النِّسَاء رضعاً من الثدي ثمَّ لبن الأتن وَلبن الماعز وخصوصاً للقبض فِي لبن الماعز. وَلبن الرماك أَيْضا مِمَّا ينقّي ويسهل النفث وَلَكِن لَيْسَ لَهُ تغرية ذَلِك فِيمَا ظن. وَأما لبن الْبَقر وَالْغنم فَفِيهِ غلظ لَو قدر على أَن يمصّ من الضَّرع كَانَ أولى وَيجب أَن يرْعَى الْحَيَوَان المحلوب مِنْهُ النَّبَات الْمُحْتَاج إِلَى فعله. أما المدمل مثل عَصا الرَّاعِي والعوسج وحبّ الْمَسَاكِين وَمَا أشبه ذَلِك. وَأما المنقّي المنفث فَمثل الحاشا ولعبة النَّحْل والحندقوقي بل مثل اليتّوع. وَمن اشْتغل بِشرب اللَّبن فَيجب أَن يُرَاعى سَائِر التَّدْبِير فَإِنَّهُ إِن أَخطَأ فِي شَيْء فَرُبمَا عَاد وبالاً عَلَيْهِ. وَقد وصف بعض من هُوَ محصّل فِي الطِّبّ كَيْفيَّة سقِِي اللَّبن فَقَالَ مَا مَعْنَاهُ مَعَ إصلاحنا أَنه يجب أَن يخْتَار من الأتن مَا ولد مُنْذُ أَرْبَعَة أشهر أَو خَمْسَة أشهر ويعمد إِلَى العلبة وتغسل بِالْمَاءِ فَإِن كَانَ قد حلب فِيهَا قبل غسل بِمَاء حَار وصبّ فِيهَا مَاء حاراً وَترك حَتَّى يتَحَلَّل شَيْء إِن كَانَ فِيهَا من المَاء ثمَّ يغسل بِمَاء حَار ثمَّ بِمَاء حَار وبارد ثمَّ تُوضَع العلبة فِي مَاء حَار ويجلب فِيهَا نصف سكرجة وَهُوَ قدر مَا يسقى فِي الْيَوْم الأول إِن كَانَت الْمعدة سليمَة وَإِلَّا فَأكْثر من ذَلِك بِقدر مَا يحمد وَيحسن. واسقه فِي الْيَوْم الثَّانِي ضعف ذَلِك الْحَلب فَإِن كَانَت الطبيعة استمسكت فِي الْيَوْم الأول جعل فِيمَا يسقى الْيَوْم الثَّانِي شَيْء من السكر وَافْعل فِي الْيَوْم الثَّالِث مَا فعلته فِي الْيَوْم الأول فَإِن لم تلن فِي الطبيعة فِي الْيَوْم الثَّالِث وخصوصاً إِذا كَانَت لم تلن إِلَى الثَّالِث فاسقه سكرجتين من اللَّبن مَعَ دانقين من الْملح الْهِنْدِيّ وَمن النشاستج وزن نصف دِرْهَم إِلَى دِرْهَم وَنصف وَلَا يزَال يسقى اللَّبن كل يَوْم يزِيد نصف اسكرجة فَإِذا بلغت السَّادِس وَلم تجب الطبيعة أخذت من اللَّبن ثَلَاث سكرجات وخلطت بِهِ سكرا وملحاً ودهن اللوز والنشاستج. فَإِن أجابت فَوق ثَلَاث مجَالِس فَلَا تخلط بعده مَعَ اللَّبن شَيْئا وانقص من اللَّبن. وَبِالْجُمْلَةِ يجب أَن لَا تزيد الطبيعة فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة على ثَلَاث وَلَا تنقص من مرَّتَيْنِ فَإِن انْتفع بذلك فاسقه ثَلَاثَة أسابيع. وَقد ذكر بعض المحصّلين أَن الأجود فِي سقِِي لبن الأتن مَا كَانَ من دَابَّة ترعى مَوَاضِع فِيهَا حشائش ملطفة منقية مَعَ قبض وتجفيف مثل الأفسنتين وَغَيره والشيح والقيصوم والجعدة والعليق. وَأما لبن الْمعز فالأصوب فِيهِ أَن يمزج بحليبه شَيْء من المَاء وتحمى الْحِجَارَة وتطرح فِيهِ مرَارًا حَتَّى ينضج وَتذهب مائيته وَهَذَا أَجود هضماً من الْمَطْبُوخ على النَّار ويراعى أَيْضا لبن الطبيعة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون ذرب فَيجب أَن يَجْعَل فِيهِ طراثيث أَو سعال كثير فَيجْعَل فِيهِ كثيراء وزن دِرْهَم. وَإِن كَانَت الْمعدة ضَعِيفَة جعل مَعَه كمون وكراويا وَاللَّبن الْمَطْبُوخ إِذا هضمه المسلول فَهُوَ لَهُ غذَاء كَاف. وَإِذا حم عَلَيْهِ المسلول فَيجب أَن يقطعهُ. وَأما الدوغ فَيحْتَاج إِلَيْهِ عِنْد شدَّة الحمّى وَعند الإسهال فَهُوَ نَافِع لَهُم جدا وأجوده أَن يتْرك الرائب لَيْلَة بعد أَخذ الزّبد كُله فِي وضع معتدل ثمَّ يمخض من الْغَد مخضاً شَدِيدا حَتَّى يمتزج بعضه بِبَعْض امتزاجاً شَدِيدا ثمَّ يُؤْخَذ أَقْرَاص من دَقِيق الْحِنْطَة السميذ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute