للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب أَن يتوقّع فِي تعرّف حَال أورام الْقلب الحارة مَا يكون من دلَالَة صلابة النبض على مَا جرت الْعَادة بتوفعه فِي غَيره مِمَّا هُوَ مثله فَإِن الورم لَا يبلغ بِالْقَلْبِ إِلَى أَن يصلب لَهُ النبض بل يقتل قبل ذَلِك. وَأما انحلال الْفَرد فَيُوقف عَلَيْهِ من الْأَسْبَاب الْبَادِيَة وَقد قَالَ بَعضهم أَنه إِذا عرضت فِي الْقلب قرحَة سَالَ من المنخر الْأَيْسَر دم وَمَات صَاحبه وعلامته وجع فِي الثندوة الْيُسْرَى. فصل فِي الْأَسْبَاب المؤثّرة فِي الْقلب الْأَسْبَاب المؤثرة فِي الْقلب مِنْهَا مَا هِيَ خَاصَّة بِهِ وَمِنْهَا مَا هِيَ مُشْتَركَة لَهُ وَلغيره كالأسباب الفاعلة للأمزجة والأسباب الفاعلة للأورام والفاعلة لانحلال الْفَرد وَسَائِر مَا أشبه ذَلِك مِمَّا قد عددنا ذَلِك من الْكتب الْكُلية لَكِن الْقلب يخصّه أَسبَاب تعرض من قبل النَّفس وَأَسْبَاب تعرض من قبل الانفعالات النفسانية. أما النَّفس فَإِذا ضَاقَ أَو سخن جدا أَو برد جدا لزم مِنْهُ أَن تنَال الْقلب آفَة. وَأما الانفعالات النفسانية فَيجب أَن يرجع فِيهِ إِلَى كلامنا فِي الكلّيات وَقد بَينا تأثيرها فِي الْقلب بتوسط الرّوح وكل مَا أفرط مِنْهَا فِي تَأْثِير خانق للحار الغريزي إِلَى بَاطِن أَو ناشر إِيَّاه إِلَى خَارج فقد يبلغ أَن يحدث غشياً بل يبلغ أَن يهْلك. وَالْغَضَب من جُمْلَتهَا أقلّ الْجَمِيع فَإِن الْغَضَب قلّما يهْلك. وَأما السهر والرياضة وأمثال ذَلِك فتضعف الْقلب بالتحليل. فصل فِي القوانين الْكُلية فِي علاج الْقلب إِن لنا فِي الْأَدْوِيَة القلبية مقَالَة مُفْردَة إِذا جمع الْإِنْسَان بَين مَعْرفَته بالطبّ ومعرفته بالأصول الَّتِي هِيَ أعمّ من الطِّبّ انْتفع بهَا. وَأما هَهُنَا فَإنَّا نشِير إِلَى مَا يجب أَن يُقَال فِي الْكتب الطبية الساذجة أَنه لما كَانَ الْقلب عضوا رَئِيسا أجل كل رَئِيس وأشرفه وَجب أَن يكون الْإِقْدَام على معالجته بالأدوية إقداماً معموداً بالحزم الْبَالِغ سَوَاء أردنَا أَن نستفرغ مِنْهُ خلطاً أَو نبدل لَهُ مزاجاً. أما الاستفراغ الَّذِي يجْرِي مجْرى الفصد فَإنَّا نقدم عَلَيْهِ إقداماً لَا يحوجنا إِلَى خلطه بتدابير أُخْرَى منقية بل أَكثر مَا يلْزمنَا فِيهِ أَن لَا نفرط فَتسقط الْقُوَّة وَأَن تنعش الْقُوَّة إِن خارت قَلِيلا بالأشياء الناعشة للقوة إِذا ضعفت لمزاج بَارِد أَو حَار وَهَذَا أَمر لَيْسَ إِنَّمَا يخْتَص بِهِ إِخْرَاج الدَّم فَقَط بل جَمِيع الاستفراغات وَإِن كَانَ إِخْرَاج الدَّم أشدّ استيجاباً لهَذَا الِاحْتِيَاط. وَالسَّبَب الَّذِي يسْتَغْنى مَعَه عَن محاولة أَصْنَاف من التَّدْبِير غير ذَلِك أَن إِخْرَاج الدَّم لَيْسَ بدواء يرد على الْقلب وعَلى أَن الْأَكْثَر امتلاءات الْقلب إِنَّمَا هُوَ من الدَّم والبخار فَيدْفَع ضررهما جَمِيعًا الفصد. وَأما الامتلاء الدموي فَمن الباسليق الْأَيْمن وَأما الامتلاء البُخَارِيّ فَمن الباسليق الْأَيْسَر وَأما سَائِر الاستفراغات الَّتِي تكون بالأدوية فَيجب أَن يخالط بِالتَّدْبِيرِ الْمَذْكُور وتدابير أُخْرَى وَذَلِكَ لِأَن أَكثر الْأَدْوِيَة المستفرغة مضادة للبدن فَيجب أَن يصحبها أدوية قلبية وَهِي الْأَدْوِيَة الَّتِي تفعل فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>