نحتاج أَن يُقَابل الْعرض الْعَارِض بواجبه من العلاج. وَرُبمَا اجْتمع لنا حاجتان متضادتان بِحَسب جزءين مُخْتَلفين فاحتجنا فِي الْأَعْضَاء إِلَى نُقْصَان واستفراغ لما فِيهَا من الأخلاط وَفِي الْأَرْوَاح إِلَى زِيَادَة فِي الْغذَاء نعش لما يعرض لَهَا من التَّحَلُّل. وَأكْثر مَا يعرض من الغشي فَيجب فِيهِ أَن يبْدَأ ويشتغل بِمَا يغذو الرّوح من الروائح العطرة إِلَّا فِي اختناق الرَّحِم والغشي الْكَائِن مِنْهُ فَيجب أَن تقرب من أنوفهم الروائح المنتنة وخصوصاً الملائمة مَعَ ذَلِك لفم الْمعدة ولشمّ الْخِيَار خاصية فِيهِ مجربة وخصوصاً فِي علاج الْحَار الصفراوي وَكَذَلِكَ الخسّ ثمَّ يعالج بالسقي والتجريع من ناعشات الْقُوَّة. وَإِذا كَانَ هُنَاكَ خواء وجوع فَلَا يجوز أَن يقرب مِنْهُم الشَّرَاب الصّرْف بل يجب أَن يخلط بِمَاء اللَّحْم الْكثير أَو يمزج بِالْمَاءِ وَإِلَّا فَرُبمَا عرض مِنْهُ الِاخْتِلَاط والتشنج. وَمِمَّا لَا بدّ مِنْهُ فِي أَكثر أَنْوَاع الغشي تكثيف الْبدن من خارجٍ لتحتقن الرّوح المتحلّلة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون إسهال قوي جدا أَو يكون السَّبَب بردا شَدِيدا. وَإِذا لم يكن هُنَاكَ سَبَب من برد ظَاهر يمْنَع رشّ المَاء الْبَارِد والترويح وتجريع المَاء الْبَارِد وَمَاء الْورْد خَاصَّة وإلباس الثِّيَاب المصندلة مَعَ اشتمام الروائح الْبَارِدَة وَكَثِيرًا مَا يفِيق بِهَذَا فَإِن كَانَ أقوى من هَذَا وَلم يكن عقيب أَمر مُحَلل حَار جدا فَيجب أَن ينْفخ الْمسك فِي أَنفه ويشمّم الغالية ويبخّر بالندّ ويجرع دَوَاء الْمسك إِن أمكن. وَإِن كَانَ السَّبَب حرارة فاستعمال الْعطر الْبَارِد ورشّ المَاء الْبَارِد على الْوَجْه أولى وَلَا بَأْس أَن يخلط الْمسك الْقَلِيل بِمَا يسْتَعْمل من ذَلِك مَعَ غَلبه من مثل الكافور والصندل وَمَا هُوَ أقوى فِي التبريد ليَكُون الْبَارِد بِإِزَاءِ المزاج الْحَار المؤذي والمسك لتقوية الْحَار الغريزي وَأَن يجرّعوا المَاء الْبَارِد وَإِن احتملت الْحَال أَن يكون ممزوجاً بشراب مبرد رَقِيق لطيف فَهُوَ أَجود. وَيَنْبَغِي مَعَ ذَلِك أَن يدلك فَم الْمعدة دَلَكاً متواتراً وَيجب أَن يكون مضجعه فِي هَوَاء بَارِد وَكَذَلِكَ يجب أَن يكون مضاجع جَمِيع أَصْحَاب الغشي إِذا لم يكن من سَبَب بَارِد وخصوصاً غشي أَصْحَاب الدقّ. وَيجب أَن يدام تنطيل أَطْرَافهم ونواحي أعضائهم الرئيسة بِمَاء الْورْد والعصارة الْبَارِدَة الْمَعْرُوفَة وَلَا بدّ من شراب مبرّد يسقونه. وَإِن كَانَ هُنَاكَ كفواق وغثيان فَيجب أَن تنعش حرارة العليل وتعان طَبِيعَته بدغدغة الْحلق بريشة وتهييج الْقَيْء وتحريك الرّوح إِلَى خَارج وَيجب أَن يدام هزّه والتجليب عَلَيْهِ والصياح بأعظم مَا يكون والتعطيس وَلَو بالكندس. فَإِذا لم ينجع ذَلِك وَلم يعطس فالمريض هَالك وَيجب خُصُوصا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute