فِي الغشي الاستفراغي أَن تقرب مِنْهُ رَوَائِح الْأَطْعِمَة الشهية إِلَّا أَصْحَاب الغثيان والغشي الْوَاقِع بِسَبَب خلط فِي فَم الْمعدة فَلَا يجب أَن يقرب ذَلِك مِنْهُم وَيجب أَن يسقوا الشَّرَاب ويجرّعوه إِمَّا مبرّداً وَإِمَّا مسخّناً بِحَسب الْحَالين المعلومين وَيكون الشَّرَاب أنفذ شَيْء وأرقّه وأطيبه طعماً مِمَّا بِهِ بَقِيَّة قوّة قبض لَا إِن كَانَت تِلْكَ الْقُوَّة قَوِيَّة فِي الطراوة ليجمع الرّوح ويقوّيه. وَيجب أَن لَا يكون فِيهِ مرَارَة قَوِيَّة فتكرهه الطبيعة وَلَا غلظ فَلَا ينفذ بِسُرْعَة وَيجب أَن يكون لَونه إِلَى الصُّفْرَة إِلَّا أَن يكون الغشي عَن استفراغ وخصوصاً عَن المسام لتخلخلها وَغير ذَلِك فيستحبّ الشَّرَاب الْأسود الغليظ فَإِنَّهُ أغذى وأميل بالأخلاط إِلَى ضدّ مَا بِهِ يتَحَلَّل وأعود على الرّوح فِي قوامه. وَأما من لم يكن بِهِ هَذَا الْعذر فأوفق الشَّرَاب لَهُ أسرعه نفوذاً. وَأَنت يمكنك أَن تجرّبه بِأَن تذوق مِنْهُ قَلِيلا فَإِذا رَأَيْته نَافِذا لتسخين بِسُرْعَة مَعَ حسن قوام وَطيب فَذَلِك هُوَ الْمُوَافق الْمَطْلُوب. وَرُبمَا جعلنَا فِيهِ من الْمسك قَرِيبا من حبتين أَو من دَاء الْمسك بِقدر الشربة أَو نصفهَا أَو ثلثهَا وَذَلِكَ فِي الغشي الشَّديد وَكَذَلِكَ أَقْرَاص الْمسك الْمَذْكُورَة فِي القراباذين. وأوفق الشَّرَاب فِي مثله المسخّن فِيمَن لَيْسَ غشيّه عَن حرارة فَإِنَّهُ أنفذ. وَإِذا قوّي بِقُوَّة من الْخبز كَانَ أبعد من أَن ينعش. وَمِمَّا يَنْفَعهُمْ الميبة الْمَخْصُوصَة بالغشي الْمَذْكُور فِي القراباذين. وأحوج النَّاس إِلَى سقِِي الشَّرَاب المسخن أبطؤهم إفاقة فَلَا يجب أَن يسقى هَؤُلَاءِ الْبَارِد وَكَذَلِكَ من برد جَمِيع بدنه وَهَؤُلَاء هم المحتاجون إِلَى الدَّلْك وتمريخ الْأَطْرَاف والمعدة بالأدهان الحارة العطرة. وَإِن كَانَ الغشي بِسَبَب مَادَّة فَإِن أمكن أَن ينقص تِلْكَ الْمَادَّة بقيء يُرْجَى سهولته أَو بحقنة أَو بفصد فعل ذَلِك. وَإِن كَانَ بِسَبَب استفراغ من الْجِهَات الدَّاخِلَة سجيت الْأَطْرَاف ودلكت ومرّخت بالأدهان الحارة العطرة وَرُبمَا احْتِيجَ إِلَى شدها وتحر فِي حبس كل استفراغ مَا قيل فِي بَابه ودبّر فِي نعش الْقُوَّة بِمَا علمت. وَالَّذِي يكون من هَذَا الْبَاب عقيب الهيضة فيصلح لصَاحبه أَن يَأْخُذ سكّ الْمسك فِي عصارة السفرجل بِمَاء اللَّحْم الْقوي فِي شراب. وينفعه مضغ الكندر والطين النيسادبوري المربى بالكافور وَإِن كَانَت بِسَبَب استفراغ من الْجِهَات الْخَارِجَة كعرق وَمَا يُشبههُ ضدّ ذَلِك وبرّدت الْأَطْرَاف وفرّ على الْجلد الآس وطين قيموليا وقشور الرُّمَّان وَسَائِر القوابض وَلم تحرّك الْمَادَّة إِلَى خَارج الْبَتَّةَ وَلَا يسْتَعْمل مثل هَذَا الذرور فِي الغشي الاستفراغي من دَاخل بل يجب أَن تقويّ الْقُوَّة فِي كل استفراغ لَا سِيمَا بتقريب رَوَائِح الأغذية الشهية وَنَحْوهَا مِمَّا ذكر وَإِن كَانَ بِسَبَب وجع بِقدر ذَلِك الوجع وَإِن لم يكن قطع سَببه كَمَا يعالج القولنج بفلونيا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute