للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حققت فَإِن المريء جُزْء من الْمعدة يَتَّسِع إِلَيْهَا بالتدريج وطبقتاه كطبقتي الْمعدة أدخلهما أشبه بالأغشية وَإِلَى الطول وأخرجهما لحمي غليظ عرضي الليف أَكثر لحمية مِمَّا للمعدة لكنه مِنْهُ فِي وَضعه واتصاله. وَأما أول الأمعاء فَلَيْسَ بِجُزْء من الْمعدة بل شَيْء مُتَّصِل بهَا من قريب وَلذَلِك لَيْسَ يتدرّج إِلَيْهِ الضّيق وَلَا طبقاته نَحْو طَبَقَات الْمعدة وَمَعَ ذَلِك فَإِن جَوْهَر المريء أشبه بالعضل وجوهر الْمعدة أشبه بالعصب وينخرط جُزْء من الْمعدة من لدن يتَّصل بهَا المريء ويلقى الْحجاب ويتسع من أَسْفَل لِأَن المستقرّ للطعام فِي أَسْفَل فَيجب أَن يكون أوسع وَجعل مستديراً لما تعلم فِيهِ من الْمَنْفَعَة مسطّحاً من وَرَائه ليحسن لقاؤه الصلب وَهُوَ من طبقتين داخلتهما طولية الليف لما تعلم من حَاجَة الجذب وَلذَلِك تتعاصر الْمعدة عِنْد الازدراد وترتفع الحنجرة والخارجة مستعرضة الليف لما تعلم من حَاجَة إِلَى الدّفع. وَإِنَّمَا جعل الليف الدَّافِع خَارِجا لِأَن الجذب أول أفعالها وأقربها. ثمَّ الدّفع يرد بعد ذَلِك ويتمّ بالعصر المتسلسل فِي جملَة الْوِعَاء ليدفع مَا فِيهَا ويخالط الطَّبَقَة الْبَاطِنَة لِيف مورب ليعين على الْإِمْسَاك. وَجعل فِي الجاذب دون الدَّافِع فَلم يخلط بالطبقة الْخَارِجَة وأعفي عَنهُ المريء إِذا لم يكن الإسهال. وَجَمِيع الطَّبَقَة الدَّاخِلَة عصبي لِأَنَّهُ يلقى أجساماً كثيفة وَإِن الْخَارِجَة فقرها أَكثر لحمية لتَكون آخرا فَيكون الهضم وفمها أَكثر عصبية ليَكُون أَشد حسا ويأتيها من عصب الدِّمَاغ شُعْبَة تفيدها الحسّ لتشعر بِالْجُوعِ وَالنُّقْصَان وَلَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك سَائِر مَا بعد فَم الْمعدة وَإِنَّمَا تحْتَاج الْمعدة إِلَى الْحس لِأَنَّهَا تحْتَاج أَن تتنبّه إِذا خلا الْبدن عَن الْغذَاء فَإِنَّهُ إِذا كَانَ الطّرف الأول حساساً كسّاباً للغذاء لنَفسِهِ وَلغيره وَلم يحْتَج مَا بعده إِلَى ذَلِك لِأَنَّهُ مكف بتحمل غَيره وَهَذَا العصب ينزل من الْعُلُوّ ملتوياً على المريء ويلتف عَلَيْهِ لفة وَاحِدَة عِنْد قرب الْمعدة ثمَّ يتَّصل بالمعدة ويركب أَشد مَوضِع من الْمعدة تحدّباً عرق عَظِيم يذهب فِي طولهَا وَيُرْسل إِلَيْهَا شعبًا كَثِيرَة ترتبط بِهِ تتشعب دقاقاً متضامة فِي صف وَاحِد ويلاصقه شريان كَذَلِك وَيثبت من الشريان مثل ذَلِك أَيْضا. ويعتمد كل مِنْهُمَا على طي الصفاق ويتشنج من الْجُمْلَة الثرب على مَا نصفه. والمعدة تهضم بحرارة فِي لَحمهَا غريزية وبحرارات أُخْرَى مكتسبة من الْأَجْسَام الْمُجَاورَة فَإِن الكبد تركب يَمِينهَا من فَوق وَذَلِكَ لِأَن هُنَاكَ انخراطاً يحسّ تمطيه. وَالطحَال منفرش تحتهَا من الْيَسَار متباعداً يَسِيرا عَن الْحجاب لتداريه وَلِأَنَّهُ لَو ركب هُوَ والكبد جَمِيعًا مطاً وَاحِدًا لثقل ذَلِك على الْمعدة فاختير أَن تركبها الكبد ركُوب مُشْتَمل عَلَيْهَا بزوائد تمتد كالأصابع وينفرش الطحال من تَحت وَمَعَ ذَلِك فَإِن الكبد كَبِيرَة جدا بِالْقِيَاسِ إِلَى الطحال للْحَاجة إِلَى كبرها. وَكَيف لَا وَإِنَّمَا الطحال وعَاء لبَعض فضلاتها فَيلْزم أَن يمِيل رَأس الْمعدة إِلَى الْيَسَار تفسيحاً

<<  <  ج: ص:  >  >>