للكبد فضيق الْيَسَار وميل أَسْفَله إِلَى فضاء تخلية للكبد من تَحت فينفسح أَيْضا مَكَان الطحال من الْيَسَار وَمن تَحت فَجعل أشرف الْجِهَتَيْنِ وَهُوَ فَوق وَالْيَمِين للكبد وأخسّهما الْمُقَابل لَهما للطحال. هَذَا وَقد يدفيها من قُدَّام الشّرْب الممتد عَلَيْهَا وعَلى جَمِيع الأمعاء من النَّاس خَاصَّة لكَوْنهم أحْوج إِلَى مَعُونَة الهضم لضعف قواهم الهاضمة بِالْقِيَاسِ إِلَى غَيرهم. وَجعل كثيفاً ليحصر الْحَرَارَة رَقِيقا ليخفّ شحمها فَيكون مستحفظاً للحرارة من قدّام فَإِن الشحمية تقبل الْحَرَارَة جدا وتحفظها للزوجتها الدسمة وَفَوق الثرب الغشاء أَي الصفاق الْمُسَمّى باريطارون وفوقه المراق وعضلات الْبَطن الشحمية كلهَا. وَهَذَانِ الصفاقان متّصلات من أعلاهما عِنْد الْحجاب متباينان من أسفلهما وَمن خلفهمَا الصلب ممتدّاً عَلَيْهِ عرق ضَارب كَبِير حَار سَبَب حرارته كَثْرَة روحه وَدَمه ويصحبه وريد كَبِير حَار سَبَب حرارته كَثْرَة دَمه. والصفاق من جملَة هَذِه هُوَ الغشاء الأول الَّذِي يحوي الأحشاء الغذائية كلهَا فَإِنَّهُ خشّيها ويميل إِلَى الْبَاطِن ويجتمع عِنْد الصلب من جانبيه ويتصل بالحجاب من فَوْقه يتَّصل بِأَسْفَل المثانة والخاصرتين من أَسْفَل وَهُنَاكَ يحصل ثقبان عِنْد الأربيتين وهما جَرَيَان ينفذ فيهمَا عروق ومعاليق وَإِذا اتسعا نزل فيهمَا المعي. ومنافعه وقاية تِلْكَ الأحشاء والحجز بَين المعي وعضل المراق لِئَلَّا يتخلّلها فيشوش فعلهَا ويشاركه أَيْضا الأغشية الَّتِي فِي الْبَطن الْمَعْلُومَة. وَفِي الصفاق الْخَارِج الَّذِي هُوَ المراق مَنَافِع فَإِنَّهُ يعصر الْمعدة بحركة العضل مَعهَا وتحريكها إِيَّاهَا فتتمدّد الْجُمْلَة على أوعية فِيهَا أجسام من حَقّهَا أَن تدفع عصراً مَا يعين على دفع الثفل. وَكَذَلِكَ تعصر المثانة وَتعين على زرف الْبَوْل وتعصر الرِّيَاح النافخة لتخرج فَلَا تعجز الأمعاء وَتعين على الْولادَة. والصفاق يرْبط جملَة الأحشاء بَعْضهَا بِبَعْض وبالصلب فَيكون اجتماعها وثيقاً وَتَكون هِيَ مَعَ الصلب كشيء وَاحِد وَإِذا اتَّصل بالحجاب والتقى طرفاه عِنْد الصلب فقد ارْتبط هُنَاكَ. وَمن هُنَاكَ مبدأه فَإِن مبدأه فضل ينحدر من الْحجاب إِلَى فَم الْمعدة وتلقاه فضلَة من المتصعّد مِنْهُ إِلَى الصلب يَلْتَقِيَانِ ويتكون من هُنَاكَ الصفاق جرما غشائياً غير منقسم إِلَى لِيف محسوس بل هُوَ جسم بسيط فِي الحسّ ويحتوي على الْمعدة وَرَاء الصفاقين اللَّذين فِي جَوْهَر الْمعدة وَيكون وقاية للصفاق اللحمي الَّذِي لَهَا ويصل إِلَى الْمعدة ويربطها بالأجرام الَّتِي تلِي الصلب وَقد يكون لَهُ طي وصعود وانحدار. وأغلظه أَسْفَله وأيسره وَله طبقَة من مسترق عضل الْبَطن مجلّلة وَتَحْته الرَّقِيق مِنْهُ الَّذِي هُوَ بِالْحَقِيقَةِ الصفاق وَهُوَ شَدِيد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute