فصل فِي وُجُوه الِاسْتِدْلَال على أَحْوَال الْمعدة الْأُمُور الَّتِي يسْتَدلّ بهَا على أَحْوَال الْمعدة هِيَ أَحْوَال الطَّعَام فِي احْتِمَال الْمعدة لَهُ وَعدم احتمالها وَمن هضمها لَهُ وَمن دَفعهَا إِيَّاه وَمن شهوتها للطعام وَمن شهوتها للشراب وَمن حركاتها واضطراباتها كالخفقان المعدي والفواق وَمن حَال الفمَ وَاللِّسَان فِي طعمه وبلته وجفافه وخشونته وملاسته ورائحته وَمَا يخرج من الْمعدة بالقيء أَو البرَاز أَو الرّيح النَّازِلَة لَهُ بِصَوْت أَو بِغَيْر صَوت أَو الصاعدة الَّتِي هِيَ الجشاء والمحتسبة الَّتِي هِيَ القراقر وَمن لون الْوَجْه وباطن الفمّ وَمن الأوجاع والآلام وَمن مشاركتها الْأَعْضَاء أُخْرَى وَمن جِهَة مَا يُوَافِقهَا أَو يؤذيها من المطعومات والمشروبات والأدوية. فَأَما الِاسْتِدْلَال من احْتِمَال الطَّعَام وَعدم احْتِمَاله فَإِنَّهُ إِن كَانَت الْمعدة لَا تحْتَمل إِلَّا الْقَلِيل دون الْمُعْتَاد فَإِن فِيهَا ضعفا لسَبَب من أَسبَاب الضعْف وَإِن كَانَت تحْتَمل فقوّتها بَاقِيَة. وَأما الِاسْتِدْلَال من البرَاز وَمَا يخرج من الْبَطن فَإِن البرَاز المستوي المعتدل الصَّبْغ وَالنَّتن يدلّ على جودة الهضم وجودة الهضم تدلّ على قُوَّة الْمعدة وَقُوَّة الْمعدة تدلّ على قُوَّة اعْتِدَال مزاجها. وَأما الَّذِي لم ينهضم مِنْهُ فَيدل على ضعف الْمعدة وعَلى سوء مزاج بهَا ثمَّ الصَّبْغ يدلّ على الْمَادَّة الَّتِي فِيهَا فَإِن كَانَ هُنَاكَ نَتن ولين دلّ على أَنه نزل من الْمعدة قبل وقته لسوء احتوت الْمعدة عَلَيْهِ لضعف الْقُوَّة الماسكة وَإِن لم يكن لين لم يدل على ذَلِك بل دلّ على ضعف الهاضمة. وَأما الِاسْتِدْلَال من الصَّوْت فقد قيل فِيمَا تجازف فِيهِ أَن نُزُوله دَلِيل على قُوَّة الْمعد وَعظم صَوته دَلِيل على جودة الهضم وَالْقُوَّة أَيْضا وَكَذَلِكَ قلَّة نَتنه. وَالصَّوَاب فِي هَذَا أَن نُزُوله لَيْسَ يدل على قُوَّة بل على ضعف مَا وَلكنه ضعف دون الَّذِي يحدث الجشاء وَأما كَونه عَظِيم الصَّوْت إِن كَانَ لجوهره فَهُوَ لغلظه وَإِن كَانَ بِسَبَب قُوَّة الدافعة فَذَلِك يحل على قُوَّة مَا واللطيف الرَّقِيق الَّذِي لَا صرت لَهُ لعن على الْقُوَّة من الكثيف المصوت وخصوصاً الَّذِي لَيْسَ تصويته عَن إِرَادَة مُرْسلَة وَأما الصَّوْت الْخَارِج من تِلْقَاء نَفسه فيمل على اخْتِلَاط الذِّهْن. وَأما قلَّة النتن فتدل لَا محَالة على جودة الهضم. وَالنَّتن الشَّديد يدل على فَسَاده وَعدم النتن أصلا يدل على لِحَاجَتِهِ. وَأما الِاسْتِدْلَال من طَرِيق الفواق فَإِنَّهُ إِن كَانَ يحس صَاحبه بلذع فهناك خلط حامض أَو حريف أَو مر. وَإِن كَانَ يحس مَعَه بتمدد فهناك ريح. وَإِن كَانَ لَا يحس بذلك وَلَا يعطش فهناك خلط بلغمي. وَإِن كَانَ عقيب استفراغات وحميات فهناك يبس. وَأما الِاسْتِدْلَال من الْعَطش فَإِن الْعَطش يدل على مزج حَار فَإِن كَانَ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute