للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غثي دلّ على مَادَّة مرارية أَو مالحة بلغمية فَإِن سكن بِشرب المَاء الْحَار فالمادة فِي أَكثر الْأَحْوَال بلغمية مالحة بورقية فَإِن ازدادت فالمادة مرارية. وَأما الِاسْتِدْلَال من حَال الْفَم وَاللِّسَان فَإِنَّهُ إِذا كَانَ اللِّسَان فِي أوجاع الْمعدة شَدِيد الخشونة والحمرة فقد يدل على غَلَبَة دم أَو ورم حَار فِيهَا دموي وَإِن كَانَ إِلَى الصُّفْرَة فالآفة صفرارية وَإِن كَانَ إِلَى سَواد فالسبب سوداوي وَإِن كَانَ إِلَى بَيَاض ولبنية فالسبب رُطُوبَة وَإِن كَانَ يبس فَقَط فالسبب يبوسة. وَأما الِاسْتِدْلَال من طَرِيق الهضم فجودة الهضم إِنَّمَا تكون إِذا كَانَ الطَّعَام الْمُشْتَمل عَلَيْهِ لَا يحدث عَقِيبه ثقل فِي الْمعدة وَلَا قراقر وَنفخ وَلَا جشاء وَطعم دخاني أَو حامض وَلَا فوَاق واختلاج وتمتد وَأَن تكون مُدَّة بَقَاء الطَّعَام فِي الْمعدة معتدلة ونزوله عَنْهَا فِي الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي لَا قبله وَلَا بعده وَيكون النّوم مستوياً والانتباه ضيفاً سَرِيعا وَالْعين لَا ورم بهَا وَالرَّأْس لَا ثقل فِيهَا والإجابة عَن الطبيعة سهلة وَيكون أَسْفَل الْبَطن قبل التبرز منتفخاً يَسِيرا. وَهَذَا يدل على جودة التفاف الْمعدة على الطَّعَام وَحسن اشتمالها عَلَيْهِ وَذَلِكَ يدل على قُوَّة الْمعدة وموافقة الطَّعَام فِي الْكمّ والكيف. فَإذْ لم تشْتَمل الْمعدة اشتمالاً حسنا وَلم تكن جَيِّدَة الهضم حدث قراقر وتواتر جشاء وَبَقِي الطَّعَام مُدَّة طَوِيلَة فِي الْمعدة أَو نزل قبل الْوَقْت الْوَاجِب. والصفراء لَيْسَ من شَأْنهَا أَن تمنع الهضم منعا مُبْطلًا أَو نَاقِصا متلحجاً بل قد تفسده وَأما السوداوي فَمن شَأْنهَا أَن تمنع الهضم وتفسده مَعًا. وللبلغم أميل مِنْهَا إِلَى الْفساد. وَاعْلَم أَن الْمعدة إِذا لم يكن بهَا ورم وَلَا قرحَة وَلَا كَانَ بالغذاء فَسَاد ثمَّ لم تحسن الهضم فالسبب سوء مزاج وَأَكْثَره من برد ورطوبة وَبعده الْحَار وَبعده الْيَابِس. وَأما الِاسْتِدْلَال من أوجاع للمعدة فَمثل الوجع المتمدد فَإِنَّهُ يدل على ريح والثقيل فَإِنَّهُ يدل على امتلاء واللاذع فَإِنَّهُ يدل على خلط حامض أَو حريف أَو عفن أَو مرَ. وَأما الِاسْتِدْلَال من الشَّهْوَة فقد يسْتَدلّ مِنْهَا إِمَّا بزيادتها وَإِمَّا بنقصانها أَو بُطْلَانهَا وَإِمَّا بِنَوْع مَا تنحو إِلَيْهِ مثل أَنه رُبمَا كَانَ عطشاً وشوقاً إِلَى بَارِد وَرُبمَا كَانَ شوقاً إِلَى حامض وَرُبمَا كَانَ شوقاً إِلَى ناشف ومالح وحريف وَرُبمَا اجْتمع للشوق إِلَى الحريف والمالح والحامض مَعًا من جِهَة أَن هَذِه تشترك فِي إِفَادَة تقطيع الْخَلْط الضار فَيكون عليلاً على ضعف للمعدة فَإِن الْمعدة القوية تميل إِلَى الدسومات وَرُبمَا كَانَ الشوق إِلَى أَشْيَاء رَدِيئَة مُنَافِيَة للطبع كَمَا يَشْتَهِي الفحم والأشنان وَغير ذَلِك. وَالسَّبَب فِيهِ خلط فَاسد كريب غير مُنَاسِب للأخلاط المحمودة وَإِذا كَانَ حس المذاق

<<  <  ج: ص:  >  >>