للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحِيحا لم تُؤثر الشَّهْوَة طعماً على الحلو فَإِذا توحمت الشَّهْوَة وعافته فهناك آفَة فَإِن اشتهت الحسومات فهناك تقابض وتكاثف وويبس. فَإِن كره الطَّبْع الْأَطْعِمَة المسخنة وَمَال إِلَى البوارد لبردها فهناك حرارة. وَإِن اشْتهى المسخنات فهناك برودة. وَإِن اشْتهى المقطعات والحموضات والحرافات فهناك خلط لزج. والشهوة فِي الْمُعَلق الحارة للْمَاء أَكثر مِنْهَا للغذاء وَرُبمَا صَار شدَّة الْحَرَارَة للتحليل وَطلب الْبَدَل واللذع مهيجاً لجوع شَدِيد وَيكون ضربا من للجوع لَا يصبر عَلَيْهِ الْبَتَّةَ ويصحبه الغشي خُصُوصا إِذا تَأَخّر الْغذَاء والشهوة فِي الْمعدة الَّتِي تنصب إِلَيْهَا السَّوْدَاء والبلغم الحامضان إِن تكْثر إِذا كَانَ قدرهما دون الْقدر المستدعي للنقص وَإِنَّمَا تكْثر فِيهَا الشَّهْوَة وَتصير كلبية لما نذكرهُ فِي بَاب الشَّهْوَة الْكَلْبِيَّة وَاعْلَم أَن شَهْوَة الْغذَاء تعم الْأَعْضَاء كلهَا لَكِن تِلْكَ الْعَامَّة تكون طبيعية وكائنة من علائق استدعاء الْقُوَّة الغاذية بالجاذبة ثمَّ يخص الْمعدة شَهْوَة نفسانية لِأَنَّهَا تحس وَقد يتَّفق لبَعض النَّاس أَن يجوع كثيرا وَيَأْكُل كثيرا وَلَا تصيبه تخمة وَلَا يخرج فِي غائطه ثفل كثير وَلَا يسمن مَعَ ذَلِك بدنه. وَسبب هَذِه الْحَالة تحلل كثير سريع مَعَ صِحَة للهاضمة والجاذبة الشهوانية. وَأما الِاسْتِدْلَال من طَرِيق الْفَم فَإِن المر يدل على حرارة وصفراء والحامض يدل فِي أَكثر الْأَمر على برد فِي الْمعدة لَكِن دون الْبرد الَّذِي لَا ينهضم مَعَه الطَّعَام أصلا وَرُبمَا دلّ على حر ضَعِيف مَعَ رُطُوبَة برد ويحمض إِذا غلي عَن حرارة قَليلَة وَقد تكون حموضة من انصباب مَادَّة حامضة من الطحال إِلَى الْمعدة والكائن بِسَبَب الطحال تشتدّ مَعَه الشَّهْوَة وَيكثر النفخ والقراقر ويسوء الهضم ويجمّض وَيكثر الجشاء. والتفه من طعوم الْفَم يدل على بلغم تفه والمالح على بلغم مالح والطعوم الغريبة السمجة المستبشعة قد تدل على أخلاط غَرِيبَة عفنة رَدِيئَة. وَأما الِاسْتِدْلَال من الْقَيْء فَإِنَّهُ إِن كَانَ تهوع فَقَط فالمادة لحجة متشرّبة وَإِن كَانَ قيء سهل دلّ على أَنَّهَا مصبوبة فِي التجويف وَإِن كَانَ قيء وتهوع لَا يقْلع دلّ على اجْتِمَاع الْأَمريْنِ أَو على لحوج الْخَلْط. وَلَيْسَ الغثيان إِنَّمَا يكون من مَادَّة متشرّبة بل يكون أَيْضا من مَادَّة غير متشرّبة إِذا كَانَت كَثِيرَة تلذع فَم الْمعدة أَو كَانَت قَليلَة قويت باختلاطها لطعام وارتقت من قَعْر الْمعدة إِلَى فَم الْمعدة للذعته وَلذَلِك قد يسهل قذف الأخلاط بعد الطَّعَام وَلَا يسهل قبله إِلَّا أَن تكون كَثِيرَة. لَكِن إِذا كَانَ حُدُوث التهوّع والغثيان على دور فالمادة منصبة. وَإِن كَانَت ثَابِتَة فالمادة متولّدة فِي الْمعدة على الِاتِّصَال. والقيء أَيْضا يدلّ

<<  <  ج: ص:  >  >>