للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأما الْقسم الآخر فَإِذا لم يستو هضم الْغذَاء الرطب قبل الْبدن أَو الكبد بعض الْغذَاء الرطب ورد بعضه فَمَلَأ المجاري فَرُبمَا أدّى إِلَى سَبَب من أَسبَاب الاسْتِسْقَاء الزقي الْمَذْكُور إِن غلبت المائية أَو الطبلي إِن غلبت الريحية وَذَلِكَ فِي الهضم الثَّانِي. وَأما السَّبَب الَّذِي فِي المجاري فَأن تكون هُنَاكَ أورام وسدد تمنع المائية أَن تسلك مسالكها وتنفذ فِي جِهَتهَا بل تمنعها أَو تعكسها إِلَى غير مجاريها. وَإِذا دفعت الطبيعة من المستسقي مائية الاسْتِسْقَاء بذاتها كَانَ دَلِيل الْخَلَاص. وَفِي أَكثر الْأَوْقَات إِذا نزل المستسقي عَاد الانتفاخ فِي مُدَّة ثَلَاثَة أَيَّام. وَفِي الْأَكْثَر يكون ذَلِك من ريح. قَالَ أبقراط: من كَانَ بِهِ بلغم كثير بَين الْحجاب والمعدة يوجعه فَإِنَّهُ إِذا جرى فِي الْعُرُوق إِلَى المثانة انحلّت علته عَنهُ. قَالَ جالينوس: الأولى أَن ينحدر البلغم إِلَى الْعَانَة لَا إِلَى جِهَة المثانة وَكَيف يرشح إِلَيْهَا وَهُوَ بلغم لَيْسَ بمائية رقيقَة. وَأَقُول: لَا يبعد أَن ينْحل ويرق وَلَا يبعد أَن يكون اندفاعه على اخْتِيَار الطبيعة جِهَة مَا للضَّرُورَة أَو يكون فِي الْجِهَات الْأُخْرَى سَبَب حَائِل كَمَا يدْفع فتح الصَّدْر فِي الأجوف إِلَى المثانة. وَأما هَذَا النّفُوذ فَلَيْسَ هُوَ بِأَعْجَب من نُفُوذ الْقَيْح فِي عِظَام الصَّدْر وَالَّذِي قَالَه بَعضهم أَنه رُبمَا عني بالبلغم المائية فَهُوَ بعيد لَا يحْتَاج إِلَيْهِ. وَقد يعرض أَن ينتفخ الْبَطن كالمستسقي فِيمَن كَانَ بِهِ قُرُوح المعي ثمَّ انثقبت وَلم يمت إِلَى أَن يَمُوت. وَيكون لِأَن الثفل ينصبّ إِلَى بَطْنه ويعظم. وَهَذَا - وَإِن قَالَه بَعضهم - عِنْدِي كالبعيد فَإِن الْمَوْت أسبق من ذَلِك وخصوصاً إِذا كَانَ الانخراق فِي الْعليا. أَسبَاب اللحمي بعد الْأَسْبَاب الْمُشْتَركَة: السَّبَب المقدّم فِيهِ فَسَاد الهضم الثَّالِث إِلَى الفجاجة والمائية والبلغمية فَلَا يلتصق الدَّم بِالْبدنِ لصوقه الطبيعي لرداءته. وَرُبمَا كَانَ المقدّم فِي ذَلِك الهضم الثَّانِي أَو الهضم الأول أَو فَسَاد مَا يتَنَاوَل أَو بلغميته. وَإِذا ضعفت الهاضمة والماسكة والمميزة فِي الكبد وقويت الجاذبية فِي الْأَعْضَاء وضعفت الهاضمة فِيهَا كَانَ هَذَا الاسْتِسْقَاء. وَأَكْثَره لبرد فِي الكبد نَفسهَا أَو بمشاركة. وَإِن لم تكن أورام أَو سدد تمنع نُفُوذ الْغذَاء وَيكون كثير الْبُرُودَة عروق الْبدن وأمراض عرضت لَهَا وسدد كَانَت فِيهَا من أكل اللزوجات والطين وَنَحْوه. وَقد يكون بِسَبَب تمكن الْبرد فِيهَا من الْهَوَاء الْبَارِد الَّذِي قد أثر أثرا قَوِيا فِيهَا وَقد يحدث بِسَبَب حرارة مذيبة للبدن للأخلاط فَإِذا وَقعت سدة لَا يُمكن مَعهَا انتفاض الْخَلْط وَأكْثر هَذَا يكون دفْعَة وَالِاخْتِلَاف رُبمَا كَانَ نَافِعًا جدا فِي اللحمي والطبيعة قد تجهد فِي أَن تدفع الْفضل المائي فِي المجاري الطبيعية وَغير الطبيعية. لَكِن رُبمَا عجزت عَن ذَلِك الدّفع أَو رُبمَا سبق نفوذها الْغَيْر الطبيعي فِي الْوُجُوه الْمَذْكُورَة لسيلان دفع الطبيعة عَلَيْهَا وَرُبمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>