لم تقبلهَا المجاري وَرُبمَا كَانَت الدافعة تدفعها إِلَى نَاحيَة الكبد لِأَنَّهَا مائية من جنس مَا ينْدَفع إِلَى الكبد فَإِذا لم يقبلهَا الكبد وَمَا يَليهَا لضعف أَو لِكَثْرَة مَادَّة أَو لِأَن الْبدن لَا يقبلهَا بِسَبَب سدد أَو غير ذَلِك تحيّرت بَين الدفعين. قَالَ أبقراط: من امْتَلَأَ كبده مَاء ثمَّ انفجر ذَلِك المَاء إِلَى الغشاء الْبَاطِن امْتَلَأَ بَطْنه وَمَات. قَالَ جالينوس: يَعْنِي بِهِ النفّاطات الْكَثِيرَة الَّتِي تحدث على ظَاهر الكبد وَتجمع مَاء فَإِنَّهَا إِذا انفجرت وَكَانَت كَثِيرَة حصلت فِي الفضاء وقلما ينفذ فِي الثرب إِلَّا لتأكل من الثرب فِي تِلْكَ الْجِهَة. قَالَ: وَهَذَا المَاء كَمَاء المستسقين وَقد يَسْتَسْقِي من لَا يَمُوت بل يخرج مَاؤُهُ ويعيش إِمَّا بطبع أَو علاج وَكَذَلِكَ لَا يبعد فِي هَذَا أَن يعِيش. وَأَنا أَظن أَنه ينْدر أَو يبعد أَن لَا يَمُوت لِأَن هَذَا المَاء يكون أردأ فِي جوهره فَيفْسد فِي الفضاء وَيهْلك ببخاره وَلِأَن الكبد مِنْهُ يكون قد فسد صفاقها الْمُحِيط بهَا. أَسبَاب الطبلي: أَكثر أَسبَاب الطبلي فَسَاد الهضم الأول لأجل القوّة أَو لأجل الْمَادَّة فَإِنَّهَا إِذا لم تنهضم جيدا وَقد عملت فِيهَا الْحَرَارَة الضعيفة فعلا مَا غير قوي وكرهها الْبدن ومجّها كَانَ أولى مَا يَسْتَحِيل إِلَيْهِ هُوَ البخارية والريحية. وَرُبمَا كَانَت هَذِه الْموَاد مواداً مطيّفة بنواحي الْمعدة والأمعاء وَرُبمَا فعلت مغصاً دَائِما لِأَن الْحَرَارَة الْغَيْر المستعلية فعلت فِيهَا تحليلاً ضَعِيفا أحالها رياحاً وخصوصاً إِذا كَانَت الْمعدة بَارِدَة رطبَة فَلم تهيئ لهضم الكبد ثمَّ كَانَ فِي الكبد حرارة مَا تحاول أَن تهضم شَيْئا لم يعدّ بعد لهضمها. وَرُبمَا كَانَ ذَلِك لحرارة شَدِيدَة غَرِيبَة فِي الْمعدة. والكبد تبادر إِلَى الأغذية الرّطبَة ورطوبات الْبدن قبل أَن يستولي عَلَيْهَا الهضم الَّذِي يصدر عَن الْحَرَارَة الغريزية فيفعل فِيهَا فعلا غير طبيعي فيحللها رياحاً قبل الهضم فَيكون سَبَب الطبلي ضعف الهضم الأول وَضعف الْحَرَارَة أَو لشدَّة الْحَرَارَة المستولية الَّتِي لَا تمهل ريث الهضم أَو للأغذية. وَقد يعرض فِي الحميات الوبائية وَفِي كثير من آخر الْأَمْرَاض الحادة انتفاخ من الْبَطن كَأَنَّهُ طبل يسمع مِنْهُ صَوت الطبل إِذا ضرب بِالْيَدِ وَهُوَ عَلامَة رَدِيئَة جدا. العلامات الْمُشْتَركَة: جَمِيع أَنْوَاع الاسْتِسْقَاء يتبعهَا فَسَاد اللَّوْن وَيكون اللَّوْن فِي الطحالي إِلَى خضرَة وَسَوَاد وَفِي جَمِيعهَا يحدث تهيج الرجلَيْن أَولا لضعف الْحَرَارَة الغريزية ولرطوبة الدَّم أَو بخاريته وتهيج الْعَينَيْنِ وتهيج الْأَطْرَاف الْأُخْرَى وجميعها لَا يَخْلُو من الْعَطش المبرح وضيق النَّفس. وَأَكْثَره يكون مَعَ قلَّة شَهْوَة الطَّعَام لشدَّة شَهْوَة المَاء إِلَّا بعض مَا يكون عَن برد الكبد وخصوصاً عَن شرب مَاء بَارِد فِي غير وقته وَفِي جَمِيعه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute