ثمَّ ينْدَفع عَنهُ بسهولة إِذا تمّ ثفلاً وَمِنْهَا أَن هَذَا المعي هُوَ مبدأ فِيهِ ثمَّ اسْتِحَالَة الْغذَاء إِلَى الثفلية والتهيئة لامتصاص مُسْتَأْنف يطْرَأ عَلَيْهِ من الماساريقا وَإِن كَانَ لَيْسَ فِيهِ ذَلِك الامتصاص وَهُوَ متحرك ومنتقل ومتفرق بل إِنَّمَا يتم إِذا سلم من الكبد وَقرب مِنْهَا ليَأْتِيه مِنْهَا بالمجاورة هضم بعد هضم الْمعدة الَّذِي كَانَ بِالسُّكُونِ والمجاورة بعد وَهُوَ مُجْتَمع مَحْصُور فِي شَيْء وَاحِد يبْقى فِيهِ زَمَانا طَويلا وَهُوَ سَاكن مُجْتَمع فَتكون نسبته إِلَى الأمعاء الْغِلَاظ نِسْبَة الْمعدة إِلَى الدقاق. وَلذَلِك احْتِيجَ إِلَى أَن يقرب عَن الكبد ليستوفي من الكبد تَمام الهضم وإحالة الْبَاقِي مِمَّا لم ينهضم وَلم يصلح لمص الكبد إِلَى أَجود مَا يُمكن أَن يَسْتَحِيل إِلَيْهِ إِذْ كَانَ قد عصى فِي الْمعدة وَلم يصل إِلَيْهِ تَمام الهضم لسَبَب كَثْرَة الْمَادَّة وسبوق الإنفعال وسبوق الإنفعال إِلَى مَا هُوَ أطوع لغمور مَا هُوَ أطوع لما هُوَ أعصى. والآن فقد تجرد مَا هُوَ أعصى فَإِذا فَاتَتْهُ قُوَّة فاعلة صادفته مُهَيَّأ مُجَردا لَا عَن الْفضل الَّذِي من حَقه أَن يَسْتَحِيل ثفلاً وَكَانَ مَوْجُودا فِي الْحَالين جَمِيعًا لكنه كَانَ فِي الْمعدة مَعَ غامر آخر وَفِي الْأَعْوَر كَانَ هُوَ الغامر وَحده وَكَانَ الَّذِي يخالطه أولى بِأَن ينفعل خُصُوصا وَلم يخل فِي الْمعدة عَن انفعال مَا وانهضام واستعداد لتَمام الإنفعال والإنهضام إِذا خلا لتأثير الْفَاعِل. فالمعي الْأَعْوَر معي يتم فِيهِ هضم مَا عصي فِي الْمعدة وَفضل عَن المنهضم الطائع وقلما يغمره ويحول بَينه وَبَين مَا يمتص من الكيموس الرطب وَصَارَ بِحَيْثُ الْقَلِيل من الْقُوَّة يصلحه إِذا وجده مُسْتَقرًّا يلبث فِيهِ قدر مَا يتم انهضامه ثمَّ ينْفَصل عَنهُ إِلَى أمعاء تمتص مِنْهَا. وَقوم قالوأ أَن هَذَا المعي خلق أَعور ليثبت فِيهِ الكيموس فيستنظف الكبد مَا بَقِي فِيهِ من جَوْهَر الْغذَاء بالتمام وَحَسبُوا أَن الماساريقا إِنَّمَا تَأتي الْأَعْوَر وَقد أخطأوا فِي هَذَا وَإِنَّمَا الْمَنْفَعَة مَا بَيناهُ وَهَذَا المعي كَفاهُ فَم وَاحِد إِذْ لم يكن وَضعه وضع الْمعدة على طول الْبدن. وَمن مَنَافِع عوره أَنه مجمع الفضول الَّتِي لَو سلكت كلهَا فِي سَائِر الأمعاء خيف حُدُوث القولنج وَإِذا اجْتمعت فِيهِ تنحّت عَن المسلك وَأمكن لاجتماعها أَن تنْدَفع عَن الطبيعة جملَة وَاحِدَة فَإِن الْمُجْتَمع أيسر اندفاعاً من المتشبث. وَمن مَنَافِعه أَنه مأوى لما لَا بدّ من تولده فِي المعي أَعنِي الديدان والحيات فَإِنَّهُ قَلما يَخْلُو عَنْهَا بدن وَفِي تولّدها مَنَافِع أَيْضا إِذا كَانَت قَليلَة الْعدَد صَغِيرَة الحجم. وَهَذَا المعي أولى الأمعاء بِأَن ينحدر فِي فتق الأربية لِأَنَّهُ مخلى غير مربوط وَلَا مشدود لما يَأْتِيهِ من الماساريقا فَإِنَّهُ لَيْسَ يَأْتِيهِ عَن المامساريقا شَيْء فِيمَا يُقَال ويتصل بالأعور من أَسْفَله المعي الْمُسَمّى بقولون وَهُوَ معي غليظ صفيق كَمَا يبعد عَن الْأَعْوَر يمِيل ذَات الْيَمين ميلًا جيدا ليقرب من الكبد ثمَّ يَأْخُذ ذَات الْيَسَار منحدراً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute